تصريحات وزير الدفاع الأميركي، «آشتون كارتر» حول كفاءة وفعالية الجيش العراقي حقيقة كاشفة تقول إنه رغم سنوات من التدريب على يد آلاف العسكريين الأميركيين والدوليين، لم يتمكن الجيش بعد من وقف عدوان «داعش»، فما الذي يدفع إلى الاعتقاد أن شهوراً إضافية من التدريب ستقود إلى النجاح؟ لكن ونحن نبحث في أسباب التعثر يجب ألا نخلط بين الأهداف العراقية والمصالح الأساسية للولايات المتحدة، ففي حين تتقاطع فيه الأهداف الأساسية للطرفين، إلا أنها ليس متطابقة، ما يستدعي سياسة استراتيجية وعسكرية مختلفة. فمن وجهة النظر الأميركية ليس الهدف الأول الحفاظ على الحكومة العراقية بقدر ما هو القضاء المبرم والتام على تنظيم «داعش»، ولتحقيق هذا الغرض تتبع الولايات المتحدة أسلوب حرب العصابات، أو مكافحة التمرد الذي دأبت على استخدامه في العراق وأفغانستان على مدى أزيد من عقد، والحال أن «داعش» ليس حركة تمرد، بل يعلن عن نفسه كسلطة وحكومة، ما يعني أنه يتعين التعامل معه بمنطق يختلف عن حركات التمرد التي لا يمكن القضاء عليها وتفكيكها إلا من خلال حملة جوية شرسة وقوية تهدف إلى أمور أساسية هي: وقف تمددها وشل قدراتها في التحكم والسيطرة وعزلها تماماً، ثم ضرب قدرتها على التحكم في الأراضي التي تجتاحها، وأخيراً إزالة قدرتها على تصدير العنف خارج حدودها منطقتها. لكن وحتى تُنجز هذه الأهداف على الحملة الجوية أن تكون أشبه بالعاصفة الرعدية منها بالزخات المطرية الخفيفة، فالملاحظ خلال الحملة الجوية على «داعش» أنها لا تتجاوز 12 طلعة في اليوم، وهو رقم هزيل وضعيف للغاية إذا ما قورن بعدد الطلعات الجوية في عاصفة الصحراء بالعراق والكويت في 1991 الذي وصلت فيها عدد الطلعات الجوية إلى 1241، والأمر نفسه أيضاً في عمليات القصف الجوي في كوسوفو 1999 التي وبلغت فيها الطلعات الجوية 198، وحتى أثناء غزو العراق في 2003 كان عدد الطلعات الجوية قد وصل إلى 691، وأيضاً لا ننسَ أنه طيلة العقدين الماضيين استطاعت القوة الجوية إحراز عدد من الانتصارات المهمة عندما كانت متزامنة مع قوات محلية مقاتلة على الأرض. ديفيد ديبتول: عميد معهد «ميتشل» للدراسات الفضائية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»