بادرت منظمة الأمم المتحدة في عام 1983 إلى تخصيص يوم من كل عام للفت الانتباه إلى معاناة الأطفال حول العالم من سوء المعاملة وأنواع الانتهاكات كافة، تحت شعار «اليوم الدولي لضحايا العدوان من الأطفال الأبرياء». وبالرغم من أن المبادرة مر على إطلاقها أكثر من ثلاثين عاماً إلى الآن، فإن الانتهاكات ضد الأطفال مازالت مستمرة في العديد من بلدان العالم ومناطقه، وهو الأمر الذي يحتاج إلى وقفة جدية من أجل منعها، ولاسيما أنها باتت تمثل أحد تجليات النزاعات المنتشرة حول العالم، التي تتورط فيها التنظيمات الإرهابية، التي فضلاً عن قتلها وتنكيلها بهم في تلك الدول والمناطق، فإنها تعمل على تجنيد الأطفال قسراً وإجبارهم على حمل السلاح، في واحدة من أبشع صور انتهاكات حقوق الطفل في العصر الحديث. ولا يمكن في هذا الموضع تجاهل ما يتعرض له الأطفال نتيجة الحملات المنظمة للتطهير العنصري الذي يُمارَس في بعض دول ومناطق العالم، كما يحدث منذ فترة ليست بالقصيرة في بورما وفي أفريقيا الوسطى وغير ذلك. وبرغم أن العالم بذل جهوداً حثيثة من أجل حماية حقول الأطفال، ووضع مبادئ أساسية لهذا الغرض، ضمن مواثيق الأمم المتحدة، وأطلق العديد من القوانين والتشريعات الدولية في الإطار نفسه، فإن استمرار الانتهاكات التي تهدد حياة الأطفال وأمنهم حتى الآن، ليست إلا دليلاً على أنه مازالت هناك حاجة ماسة إلى بذل المزيد من الجهود لترجمة تلك القوانين والتشريعات والمواثيق إلى آليات عمل وإجراءات قابلة للتنفيذ، ومن ثم إلزام الدول بتطبيقها، من أجل ضمان مستقبل أفضل للطفولة والناشئة، والانتقال إلى عالم أكثر أمناً، ليس للأطفال فقط ولكن لجميع فئات السكان من دون استثناء. ويعد النموذج الإماراتي في رعاية الطفولة والأمومة نموذجاً استثنائياً يحتذى به في العالم بأسره، بفضل السياسات التنموية التي انتهجتها القيادة الرشيدة للدولة، عبر رعايتها حقوق الأطفال في التعليم والصحة البدنية والذهنية والسلام الاجتماعي، فضلاً عن اهتمامها بتحصين الأطفال ضد أي نوع من أنواع الانتهاك، بما في ذلك الانتهاكات التي تهدد حقهم في الاستمتاع بطفولتهم. فسنّت الدولة من أجل ذلك القوانين والتشريعات التي تجرم عمالة الأطفال وأي نشاط آخر من شأنه أن ينتهك حق الطفل في التعليم وتنمية مواهبه وصقلها، من منطلق وعيها بأن ذلك يعد استثماراً ناجحاً في المستقبل، كونه يبني مواطناً ذا شخصية متكاملة سوية واثقة مفعمة بالحيوية، قادرة على العطاء والإنتاج ومواجهة التحديات. وعلى المستوى الدولي، تحرص دولة الإمارات العربية المتحدة دوماً على تأكيد ضرورة حماية الطفولة والدفاع عنها ضد مخاطر الحروب والنزاعات وممارسات الاستقطاب الطائفي وغيرها على مستوى العالم. وقد نبهت الإمارات وحذرت مراراً عبر ممثليها لدى الهيئات الدولية، ومن خلال هيئاتها الدبلوماسية ومؤسساتها المدنية والحكومية، من جميع المخاطر التي تنتهك حقوق الأطفال. وتحمل الرؤى الحكيمة لسمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة «أم الإمارات»، العديد من القيم والمعاني في هذا الشأن، والتي تؤكدها سموها باستمرار من خلال دعوتها المستمرة في المحافل الدولية إلى ضرورة تبني العالم استراتيجيات وآليات عمل واضحة نحو حماية الطفولة والأمومة، ودعم دور الأسرة في حماية الطفل من أي نوع من أنواع الإساءة، وضرورة تطوير تشريعات حقوق الطفل وتنفيذها على المستوى العالمي. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية