اتخذت دولة الإمارات العربية المتحدة العديد من المبادرات والإجراءات على مدى السنوات والعقود الماضية، من أجل تمكين المعرفة وتحويل اقتصادها الوطني إلى اقتصاد متطور وذي مكوِّن معرفي كبير، ودفع مجتمعها بشكل عام ليكون مجتمعاً قائماً على المعرفة، ويأتي في هذا الإطار، وعلى سبيل المثال لا الحصر، سعيها إلى الانضمام إلى مصاف الدول المتقدمة في اكتشاف الكوكب الأحمر «المريخ» بحلول عام 2021، بإطلاق أول مسبار عربي-إسلامي، والمهم في هذا الشأن هو أنها تخطط أن يكون فريق العمل المنوط به قيادة هذا المشروع المعرفي المهم فريقاً إماراتياً خالصاً، وسيكون هذا الفريق جزءاً من قاعدة عريضة من الكوادر البشرية المواطنة القادرة على العمل في المهن العلمية الدقيقة. وكان صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، أكد لدى إطلاقه مشروع الفضاء الإماراتي، أن الإمارات ترمي من دخول قطاع الفضاء إلى تعزيز التنمية عبر الاستفادة من تكنولوجيا الفضاء، وبناء كوادر إماراتية متخصصة في هذا المجال بوجه خاص والعلوم التطبيقية بوجه عام. ولا شك في أن دولة الإمارات العربية المتحدة تعي تماماً أن طريقها نحو إدراك هذا الهدف طريق ليس سهلاً، وأنها قد تواجه بعض التحديات في هذا الشأن، لكنها قادرة على التغلب عليها والمضي قُدُماً في هذا المجال الحيوي. وفي هذا الإطار ذكر «تقرير المعرفة العربي لعام 2014: الشباب وتوطين المعرفة»، الصادر مؤخراً عن «مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم» بالتعاون مع «البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة»، أن دولة الإمارات العربية المتحدة تواجه بعض التحديات التي تعوق جهودها الحثيثة نحو نقل المعرفة وتوطينها، ولخص التقرير هذه التحديات في أربعة عناوين رئيسية، هي: التعليم وتحفيز الشباب والموارد البشرية والاقتصاد. ويرى التقرير أنه برغم أن مؤشرات التحصيل العلمي لطلبة الإمارات في الاختبارات الدولية تتصدر الدول العربية، لكنها تظل أقل من المستوى المطلوب، وما زال الشباب عازفين عن التخصصات العملية، ويتجهون بشكل أكبر إلى التخصصات النظرية، وهو ما يؤدي إلى عدم توافر الموارد البشرية المواطنة المؤهلة للعمل في العديد من المهن المهمة في قطاعات الإنتاج. جدير بالذكر أن دولة الإمارات العربية تبذل جهوداً مكثفة منذ سنوات للتغلب على هذه التحديات، من خلال تشجيع طلاب الجامعات من المواطنين على الانخراط في مساقات التعليم العلمية، وتشجيع من هم على رؤوس أعمالهم ومناصبهم على تلقي برامج تعليمية وتدريبية وتأهيلية تمكّنهم من الانخراط في هذا المجال أيضاً. وفي هذا الإطار، تم إنشاء العديد من المؤسسات التي تتبنّى الموهوبين والمتميزين من الطلاب، كـ«جمعية الإمارات لرعاية الموهوبين»، من أجل اكتشاف الطلاب الموهوبين ورعايتهم في مرحلة التعليم الثانوي، وتحفيزهم على الاهتمام بالعلوم، والالتحاق بالتخصصات العلمية. ومؤخراً نظمت الجمعية، بالتعاون مع «مؤسسة تطوير المشاريع الشباب العرب» وشركة «لوكهيد مارتن»، زيارة لعشرة من هؤلاء الطلاب إلى منشآت تابعة لـ«لوكهيد مارتن» في ولاية فلوريدا في الولايات المتحدة الأميركية، للقاء نخبة من مهندسي الفضاء وعلمائه، لإطلاع الطلاب عن قرب على أحدث البرامج والابتكارات العلمية في هذا المجال الحيوي. ولا شك في أن الجهود التي تبذلها الإمارات لتمكين شبابها من امتلاك المعرفة، وبناء جيل جديد من الكوادر المواطنة قادر على الاضطلاع بمسؤولياته التنموية سوف تستمر حتى تحقق أهدافها، والمأمول حالياً من بقية عناصر المجتمع، وعلى رأسها المؤسسات التعليمية والقطاع الخاص ووسائل الإعلام، المشاركة بفعالية في هذه المسيرة الطويلة، من أجل بناء مجتمع إماراتي متطور وقائم على المعرفة. عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية