نهاية حملة «عاصفة الحزم» في اليمن التي تم الإعلان عنها فتحت نافذة أمل بالنسبة لآلاف المواطنين الأميركيين لمغادرة هذا البلد الذي تمزقه الحرب، غير أن وزارة الخارجية الأميركية لا تبدي أي مؤشر على أنها ستشرع قريبًا في إنقاذ الأميركيين- اليمنيين العالقين هناك، الأمر الذي يثير حفيظة الجالية العربية في أميركا. ومنذ أسابيع وإدارة أوباما تقول إن استعمال موارد الحكومة الأميركية من أجل إجلاء مواطنيها العالقين في أتون الأزمة اليمنية سيكون خطيراً للغاية سواء للموظفين الأميركيين الذين يرسَلون لتقديم المساعدة، أو للمواطنين أنفسهم. وفي غياب أي سفارة أو وجود عسكري داخل اليمن، تبقى المساعدة الوحيدة التي تقدمها الولايات المتحدة لآلاف الأميركيين الذين يسعون لمغادرة اليمن هي منحهم ما تيسر من المعلومات، وتمني حظ موفق لهم، والتعامل معهم إذا وصلوا إلى ساحل آخر، الذي عادة ما يكون جيبوتي في أفريقيا. ولكن الآن وقد توقفت الحملة الجوية السعودية ضد المتمردين الحوثيين وهناك وقف مؤقت لإطلاق النار، يجدد زعماء الجالية العربية في أميركا دعوتهم لوزارة الخارجية الأميركية لتوفير مساعدة مباشرة للمواطنين الأميركيين الذين يحاولون الفرار. وفي هذا الإطار، قال لي قيادي من الجالية الأميركية العربية يوم الثلاثاء: «نأمل مع انتهاء الأعمال الحربية، أن تكون هناك فرصة لإجلاء المواطنين الأميركيين الذين ما زالوا عالقين في اليمن»، مضيفاً «الآن، هذه هي الفرصة لإنقاذ حياة هؤلاء الناس». وكانت عدة حكومات أخرى قد نظمت عمليات إجلاء لمواطنيها، بل إنها ساعدت أميركيين يحاولون الفرار من اليمن. وعلى سبيل المثال، فالهند لوحدها أجلت 4500 شخص من اليمن هذا الشهر، ومن بينهم بعض الأميركيين. ويقول القيادي الأميركي العربي إن روسيا بعثت رسالة إلى المواطنين الأميركيين في اليمن هذا الأسبوع تعرض فيها عليهم المساعدة لإجلائهم على متن سفن روسية. وبالطبع، فإن الأميركيين- اليمنيين اليائسين يقبلون أي عروض يتلقونها من أجل مغادرة اليمن. وعدد الأميركيين الذين ما زالوا في اليمن غير معروف. وكان تقرير للسفارة الأميركية في 2012 قد قدر عدد المواطنين الأميركيين في البلاد بنحو 55 ألفاً، ولكن هنالك من يقول إن وزارة الخارجية الأميركية تعتقد أن ثمة قرابة 4 آلاف ما زالوا في اليمن الآن. بيد أن وزارة الخارجية الأميركية ترفض إشراك الزعماء الأميركيين العرب في هذا الموضوع. ولذلك، قررت منظمات عربية أميركية أخذ زمام المبادرة فرفعت قضيتين ضد وزارتي الخارجية والدفاع لإجبارهما على إخراج الأميركيين من اليمن. كما أنشأت موقعاً على الإنترنت بهدف جمع معلومات من أميركيين عالقين ومساعدتهم على إيجاد طرق للخروج من اليمن. ويقول هؤلاء إن أكثر من 600 شخص سجلوا أنفسهم في الموقع، ولكن عدداً قليلاً منهم فقط نجحوا في المغادرة. وقد أخبرني مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية بأن حماية المواطنين الأميركيين وسلامتهم تعتبران من أولى الأولويات، وأن الولايات المتحدة تتقاسم المعلومات مع مواطنيها في اليمن بخصوص فرص الإجلاء عندما تتاح. كما قال المسؤول إن إنقاذهم يعتبر أمراً خطيراً لأن تحديد نقطة إجلاء لمجموعة كبيرة من المواطنين الأميركيين يمكن أن يعرّض سلامتهم وأمنهم للخطر. غير أن تصريحات المتحدثين باسم البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأميركية عندما سألهم الصحفيون بشأن أسباب عدم التحرك الرسمي كانت تحمل نبرة تشي بنوع من عدم الاكتراث وعدم المبالاة. كما أن الرد الرسمي غالباً ما يقتصر على الإشارة إلى تحذيرات سفر سبق لوزارة الخارجية الأميركية أن أصدرتها بشأن الأخطار في اليمن، وتبدو أشبه بإلقاء اللوم على المواطنين الأميركيين بسبب وجودهم هناك أصلاً. والعديد من هؤلاء الناس هم أساساً مهاجرون يمنيون أو أبناء مهاجرين عادوا إلى اليمن لرؤية عائلاتهم. وكانت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية بالوكالة «ماري هارف» قالت للصحفيين يوم الاثنين: «إننا نمنح الأميركيين معلومات حول الفرص لاستعمال وسائل أخرى لمغادرة اليمن، ولذلك كنا واضحين جداً منذ منتصف التسعينيات وطلبنا من الناس ألا يسافروا إلى اليمن». وعندما أشار أحد الصحفيين إلى أن إحدى أولى مسؤوليات وزارة الخارجية الأميركية هي حماية المواطنين الأميركيين في الخارج، كان رد هارف: «بكل تأكيد، ولذلك كنا نقول لهم ألا يذهبوا إلى اليمن». جوش روجين: محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»