طلب بنيامين نتنياهو يوم الاثنين الماضي من رئيس دولة إسرائيل «رؤوفين ريقلين» مهلة أسبوعين لاستكمال مفاوضاته مع الأحزاب الأخرى لتشكيل الحكومة الجديدة، معنى هذا أن عليه أن ينتهي من إرضاء الأحزاب الراغبة في دخول حكومته قبل يوم السادس من مايو المقبل ذلك أنه قد استنفد المهلة الأولى ومدتها ثمانية وعشرون يوماً. السؤال المطروح لدى المراقبين هو هل يفضل نتنياهو التآلف الحكومي مع حلفائه الطبيعيين من معسكر اليمين والمتدينين أن يتجه إلى تشكيل حكومة مع منافسه الرئيسي في الانتخابات المسمى المعسكر الصهيوني، والمكون من حزب العمل وحزب الحركة. إن بورصة التوقعات في الاجابة عند السؤال سبق وأن سجلت بعد أسبوعين من المهلة الأولى في منتصف أبريل الاحتمال الثاني لتشكيل ما يسمى بحكومة وحدة وطنية. مثل هذه الحكومة تضم عادة قطبي اليمين و«اليسار» ليكود وحزب «العمل». كان السبب في هذا التوقع خبراً أذيع بالقناة الأولى للتلفزيون الإسرائيلي مضمونه أن اجتماعاً سرياً قد عقد بين نتنياهو وزعيم التحالف الصهيوني «هرتزوج» للتباحث حول الحكومة. الملاحظ الآن مع دخول المهلة الجديدة أسبوعها الأول أن هذا التوقع قد انطفأت شمعته بسرعة وحلت محله الترجيحات بأن الحكومة ستتشكل من أحزاب «اليمين» وهي «ليكود» 30 مقعداً و«إسرائيل بيتنا» بزعامة أفيجدور ليبرمان ستة مقاعد و«البيت اليهودي» بزعامة «نفتالي بينيت» شديد التطرف ثمانية مقاعد. ومعها أحزاب المتدينين «شاس» سبعة مقاعد و«يهدوت هتوراه» ستة مقاعد وكذلك حزب «كلنا» بزعامة كحلون المنشق عن «ليكود» لاهتمامه بالقضايا الاجتماعية واعتراضه على السياسات اليمينية المتطرفة في مجال الاقتصاد، والتي تضر بالطبقتين الوسطى والشعبية وهو حزب حصل على عشرة مقاعد. هكذا ستتكون الحكومة اليمينية على أساس متين من مقاعد الكنيست، والتي سيكون عددها سبعة وستين مقعداً أي برصيد أعلى من الحد الأدنى المطلوب قانونياً للحكومة وهو أغلبية واحد وستين مقعداً. سؤال آخر هو لماذا طرح أصلاً احتمال تشكيل حكومة تحالف وطني، الإجابة تحوم حول رغبة نتنياهو في تجنب أي صدام جديد لمدة عامين مقبلين مع الرئيس أوباما إلى أن يخرج من الرئاسة الأميركية. من المهم أن نعلم مثل هذا التحالف سيشكل ورقة التوت التي تستر تطرف نتنياهو في قضية المفاوضات مع الفلسطينيين وحل الدولتين من ناحية وسيلعب دوراً في إجهاض الغضب الأميركي والأوروبي المتصاعد بسبب إفشال نتنياهو للمفاوضات السابقة وإعلانه صراحة أثناء الحملة الانتخابية عن رفضه حل الدولتين من ناحية ثانية. أضف إلى هذا أن تحالف نتنياهو مع هرتزوج الرافض للاتفاق النووي بين إيران والدول الكبرى سيعطي الأول فرصة للحديث في هذا الملف باعتباره ممثلاً لكافة القوى السياسية في إسرائيل. إذن رغم توقعات صاعدة وهابطة يبقى الخياران قائمين حتى اللحظة الأخيرة يوم 6 مايو. ذلك أن مثل هذه الحكومة الوطنية ستقوم على تبادل رئاسة الوزراء كل عامين من عمرها البالغ أربع سنوات، وبالتالي يمكن لنتنياهو الداهية أن يتخلص من وجود أوباما في الرئاسة بسلام.