أتت المبادرة الأخيرة لـ«مؤسسة محمد بن راشد لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة»، المتمثلة في إطلاق «صندوق محمد بن راشد لدعم المشاريع»، لتضيف حلقة جديدة إلى مسيرة دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، التي بدأتها دولة الإمارات العربية المتحدة منذ سنوات عدة، وقد جعلتها واحدة من الدول القليلة في العالم التي توفر حزمة شبه متكاملة من الخدمات ووسائل الدعم والتمكين لهذا القطاع الحيوي في دعم جهود التنمية الشاملة وأهدافها. فالصندوق الجديد، الذي تم إطلاقه ضمن المبادرة، وتبلغ القيمة الإجمالية لأصوله أكثر من 600 مليون درهم، يستهدف تعزيز الحلول التمويلية لأصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ولاسيما التي تعتمد على الابتكار والإبداع في مجالات التصميم والسياحة والاقتصاد الإسلامي واقتصاد المعرفة، والتي تسهم أيضاً في تطوير كوادر بشرية مواطنة تمتلك روح المبادرة وقادرة على الدخول إلى قطاع الأعمال، وإنشاء مشروعات خاصة بها، بما يمكّنها من التوظيف الذاتي ويساعد كذلك على توليد فرص عمل جديدة في أسواق العمل وتلبية احتياجات التنمية في الدولة. إن إطلاق مبادرة بهذه الخصائص والميزات ينطوي على أمور عدة مهمة: أولها، أنها تجسد حرص الإمارات على دعم رواد الأعمال ومؤسسي المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وهو مبدأ أساسي تتبناه الدولة منذ عقود طويلة، لإدراكها أهمية هذه الفئة من المشروعات، باعتبارها أحد المحركات الأساسية للنشاط الاقتصادي، إذ عادة ما تكون هذه الفئة من المشروعات هي صاحبة النسبة الكبرى ضمن عدد وحدات قطاع الأعمال في أي دولة، وتظهر بيانات «وزارة الاقتصاد» أن هذه النسبة تصل إلى نحو 94% في الإمارات، وتصل نسبة إسهامها في توفير فرص التوظيف الجديدة في الدولة إلى نحو 86%، كما أنها تسهم بنحو 60% من الناتج المحلي الإجمالي للدولة. الأمر الثاني، أن المبادرة تأتي ترجمة عملية لمبدأ الاستدامة والاستمرارية في سياسة الدعم الذي تقدمه دولة الإمارات العربية المتحدة إلى فئة المشروعات الصغيرة والمتوسطة. ولاسيما أن الصندوق الجديد، ليس الأول من نوعه، فقد أنشأت الدولة العديد من الصناديق المماثلة على مدار السنوات الماضية. بل إن مبادرات إنشاء مثل هذه الصناديق على هذا النحو ليست إلا جزءاً من منظومة متكاملة للتمويل، تتبناها الإمارات كآلية لدعم هذه المشروعات، تشمل إلى جانب ذلك برامج تحفيزية تنفذها الدولة من أجل تشجيع المصارف على منح الائتمان بشروط ميسَّرة لتلك المشروعات. وفي هذا الصدد كشف القائمون على الصندوق الجديد عن إبرام الصندوق اتفاقيات تفاهم مع عدد من البنوك النشطة في مجال تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، لمنح تسهيلات مصرفية جديدة لها. الأمر الثالث، أن المبادرة تدل على أن دولة الإمارات العربية المتحدة لا تألو جهداً في الوقوف إلى جانب أبنائها. ووفقاً للقائمين على إدارة الصندوق الجديد، فإن الصندوق منفتح على جميع الأفكار، ويتيح خدماته التمويلية لأي مواطن لديه فكرة لتنفيذ مشروع جديد من دون تمييز، بشرط أن يكون هذا المشروع قابلاً للتنفيذ. وما يدل على مبدأ الشمولية أيضاً، هو أن الخدمات التمويلية التي يمنحها الصندوق متاحة للشركات القائمة، كما أنها متاحة لرواد الأعمال الجدد. حيث إن «قروض التأسيس» التي يمنحها الصندوق لرواد الأعمال الجدد، تقابلها «القروض الائتمانية»، وهي تُمنح للشركات القائمة التي ترغب في توسيع أنشطتها وتطوير أساليب العمل والإنتاج الخاصة بها. عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية