على مدار سنوات كثيرة، أراد «الديمقراطيون» مزيداً من القواعد المالية الصارمة في الحملات الانتخابية، بينما رغب «الجمهوريون» في تخفيف القيود. ومن المرجح أن حملة الانتخابات الرئاسية في عام 2016 ستشهد تدفق أموال خارجية أكثر من أي وقت مضى، بينما يحاول أصحاب الملايين والمليارات الاستفادة من بيئة «التسامح مع كل شيء» لشراء مرشحين لهم، وتحويل السباق لصالحهم. ويخطط الإخوة «كوتش» وحدهم لإنفاق زهاء مليار دولار (بمساعدة بعض الأصدقاء) على الانتخابات. وعلى الرغم من ذلك، ظل الإجماع بشأن قضية تمويل الحملات الانتخابية أنه بينما يؤيد الناخبون الإصلاح عموماً، لكنها لا تمثل قضية مثيرة لكثير منهم. فهم يكترثون أكثر بالاقتصاد أو الرعاية الصحية أو السياسة الخارجية، وفي حين يمتعضون من تأثير المال في السياسة، لكن في النهاية لن تحدث القضية اختلافاً كبيراً في نتائج الحملة الانتخابية. ولكن هل من الممكن أن يكون 2016 عاماً فارقاً؟ يزعم «ماتي جولد» في مقال نشرته صحيفة «واشنطن بوست» يوم الاثنين أن ذلك ممكن. ففي الوقت نفسه تقريباً خلال الأسبوع الماضي الذي هبط فيه أحد سعاة البريد في ولاية فلوريدا بطائرة «جيروكوبتر» أمام مبنى الكونجرس احتجاجاً على تأثير الثروة في السياسة، كان حاكم ولاية نيوجيرسي «كريس كريستي» يضغط بشأن الموضوع ذاته في اجتماع رسمي في «لندنديري» بنيوهامشير. والحقيقة أن ذلك الجزء الأخير هو ما يمثل مفاجئة؛ ذلك أن «الجمهوريين» عادة ما يؤكدون على الحرية القصوى، زاعمين أن القيود على الإسهامات والنفقات الخارجية تنتهك «التعديل الأول». ويعترض «الديمقراطيون» على ذلك، مؤكدين أن الحرية التي تتوافر لفاحشي الثراء ليست حرية على الإطلاق، وأن لكل هذه الأموال، خصوصاً تلك التي يصعب معرفة مصدرها، تأثير حتمي في إفساد السياسة. ولكن يبدو أن «الجمهوريين» الآن يقولون أشياء تجاوزت المألوف. وبالطبع، من السهل أن نهز رؤوسنا ونقول: «نعم إن الأمر يزداد سوءاً في الواقع»، قبل أن ننتكص على عقبينا باحثين عن المتبرع التالي أو الاجتماع مع «شيلدون أدلسون». وهكذا تعامل كثير من المرشحين مع القضية في الماضي: ببعض تعبيرات الموافقة العامة، أو المواقف الغامضة التي لا تجبرهم على فعل أي شيء تجاه المشكلة. ولكن حتى إذا كان معظم الناخبين لا يضعون تمويل الحملة الانتخابية على رأس قائمة أولوياتهم، إلا أن هناك انفتاحاً على المرشح الذي يمكنه ربط الاستياء من الوضع السياسي في واشنطن (الذي أصبح عاماً) بالغضب من تمويل الحملات الانتخابية بهدف وضع أجندة إصلاحية شاملة. وتوجد بعض الأفكار بالفعل، فعلى سبيل المثال، لدى النائب «جون ساربانيز» مشروع قانون من شأنه تقديم نقاط ضريبية مستردة للمساهمات السياسية، ومنح تمويلات ملائمة للمساهمات الصغيرة في محاولة لتعظيم أصوات أفراد الشعب العاديين الذين لا يمكنهم سوى التبرع بمبالغ محدودة. وربما لا يخرج ذلك أصحاب المليارات من العمل في السياسة، ولكن يمكن للمرشح استخدام هذه الفكرة أو مثلها في توضيح التزامه أو التزامها تجاه سياسة التغيير، بدلاً من مجرد التعبير عن رغبتهم في أن يكون النظام الانتخابي نظيفاً. ولكن إذا كان الجميع تقريباً يعتقدون أن هناك أموالاً أكثر من اللازم تُضخ في النظام الانتخابي، وكثير منها لا يخضع للمحاسبة، فلا ريب أنه فرصة فرصة سياسية سانحة وراء ذلك، فهل من مرشح ينتهزها؟ باول والدمان: كاتب أميركي يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»