مازال ملف إيران النووي شائكاً، بل ومعقداً، بعد محادثات جنيف الأخيرة. فقد أعلنت إيران أنها «لن تقبل باتفاق لتقييد برنامجها النووي، إلا إذا رفعت القوى العالمية» كل «العقوبات المفروضة على طهران». وجاءت تلك التصريحات على لسان الرئيس الإيراني حسن روحاني بعد يوم واحد من اضطرار الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى منح الكونجرس سلطة مراجعة أي اتفاق يتم التوصل إليه في المستقبل، بما في ذلك الحق في نقض رفع عقوبات فرضها المشرعون الأميركيون!. وهذا بدوره يلقي بظلال قاتمة بين الطرفين الأميركي والإيراني. ويرى محللون أن التوصل إلى اتفاق، خصوصاً بعد التهديد الإيراني، سيكون صعباً. فيما بدا وزير الخارجية الأميركي جون كيري متشككاً عندما أعلن عن ثقته بأن أوباما سيتمكن من الحصول على موافقة الكونجرس بشأن الاتفاق النهائي مع إيران. وكان ملف إيران النووي محل بحث في لقاء الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي القائد العام للقوات المسلحة بدولة الإمارات المتحدة مع الرئيس الأميركي أوباما يوم الاثنين الماضي، حيث شدد الطرفان على «ضرورة أن يكون الاتفاق الخاص بالملف النووي الإيراني نهائياً وملزما للجانب الإيراني، ويأخذ في الاعتبار القلق العالمي لمخاطر انتشار التسلح النووي والمخاوف من تقويض دعائم الأمن والسلم والاستقرار في المنطقة والعالم». وتحاول إيران والدول الكبرى في مجموعة (5+1) التوصل إلى اتفاق شامل يسمح ببعض النشاطات النووية المدنية لإيران، ولكنه يمنع طهران من امتلاك سلاك نووي عبر برنامجها، مقابل رفع العقوبات الدولية التي أثرت سلباً على اقتصادها. ومع وجود ترحيب دولي باتفاق إطار نووي، إلا أن ممثلي المجموعة حثوا طهران على التعاون مع وكالة الطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة في التحقق من الأنشطة النووية التي تقوم بها إيران، بما في ذلك الأبعاد العسكرية المحتملة. وقد تم التأكيد على الفقرة الأخيرة بشدة. وكانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية قد أعلنت بعد محدثات فيينا مع إيران أنه لا توجد مؤشرات على انفراجة بشأن جوانب من برنامج إيران النووي. وقد صرح وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بعد لقائه مسؤولة ملف الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، بأن بلاده «ستعمل منذ الآن، ولن ننتظر حتى شهر يونيو أو مارس، ولن نضيع وقتنا، نريد البدء بالعمل على الفور، ونريد توظيف الجو الإيجابي المتوفر حالياً للتقدم إلى الأمام». وفي السابق كانت إيران ملزمة بإبلاغ الوكالة الدولية باستيراد اليورانيوم واستخدامه فيما بعد في تجارب تحويل اليوارنيوم وأنشطة التخصيب. وكانت ملزمة أيضاً بأن تقدم تقريراً إلى التجارب الدولية للطاقة الذرية لفصل البلوتونيوم. ومع ذلك تراجعت وعودها للسماح للوكالة الدولية بالقيام بعمليات التفتيش، وعلقت اتفاق البروتوكول الإضافي في أكتوبر 2005. وفي عام 2005 توصلت مجموعة من الخبراء العسكريين -بمساعدة باكستان- إلى أن آثار اليورانيون -في صنع الأسلحة- قد عُثر عليها في إيران، ولكن لم تؤكد مجموعة الخبراء-ووجودَ برنامج للأسلحة النووية في إيران. وأعلن محمد البرادعي، المدير العام السابق للوكالة الذرية، أن «معظم آثار اليورانيوم عالي التخصيب التي عُثر عليها في إيران -من قبل مفتشي الوكالة- جاءت من مكونات الطرد المركزي المستورد». وفي أبريل 2006 أعلن الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد رسمياً انضمام إيران إلى النادي النووي، بعد نجاحها في تخصيب اليورانيون بنسبة 3,5%. ولم يُعجب الولايات المتحدة هذا التطور، فأعلنت وزيرة الخارجية الأميركية آنذاك كوندوليزا رايس أن على مجلس الأمن أن «ينظر في خطوات قوية لحث طهران على تغيير مسارها في طموحها النووي». وفي المقابل رد نجاد بعدم تراجع إيران عن تخصيب اليورانيوم، وأن على العالم أن يتعامل مع إيران كقوة نووية. وقد أصدر مجلس الأمن 6 قرارات ضد نشاطات إيران النووية منذ عام 2006-2011. وهكذا نجد أن الملف النووي الإيراني ما زال شائكاً، بل وفيه الكثير من التعقيد، بسبب حالة التشكك السائدة بين إ«علانات» طهران، وواقع الحال على الأرض.