ليست قضية سهلة أن تسجل استقالات لمعلمات وأن يبلغ عدد الذكور لكليات التربية «لا أحد» وأن يكون هاجس التعليم وتطويره هو التحدي الأهم، في واقع تعليمي أقل ما يمكن وصفه بالصعب والحافل بالهموم والتطلعات. فالتعليم هو أساس لنجاح أي مجتمع، وهو المكون الأصل في دوائر المجتمع الباحث حتماً عن الإبداع والعطاء، فاليوم لا يمكن أبداً التساهل في موضوع مصيري كالتعليم، فقد صار هو محك التنافس حين يراد إثبات الأفضلية أو حتى القدرة على التنافسية ذاتها. والأمر لا يرتبط بالمعلم فقط، إنه ينسحب على مجموعة ظروف وعوامل قد توصل المعلم إلى الاستقالة من الجو التعليمي الحافل بالأعباء والالتزامات. فالأمور مرتبطة مع بعضها بعضاً، وبعض المدارس القديمة قد لا تعكس جواً إيجابياً محفزاً للمعلم، بعكس المدارس الجديدة التي بنيت حديثاً وفقاً لمواصفات ومعايير تربوية تخدم العملية التعليمية، إضاقة إلى اللغة المفقودة أحياناً بين المدرسة والمنطقة التعليمية مما قد يعيق سلاسة التواصل والاتصال، الذي يعني حلًا سريعاً لأي مشكلة طارئة أو إنقاذاً لموقف تحتاج فيه المدرسة إلى رد سريع. ولعل الأهم هو أن يكون للمعلم صوت يعكس همومه وتطلعاته ويحقق له توازناً في الأداء والعطاء ويمنحه اطمئناناً وثقة في الجهاز التعليمي المتكفل برعايته ورعاية وظيفته وتطويرها. ولعل من أهم الحلول لمشاكل التعليم تطوير الكادر الإداري بحيث يتوازى عمله في استيعاب وحماية وظيفة المعلم ومساعدته على تخطي العقبات بدلاً من أن تكون الجهة الإدارية عقبة بحد ذاتها. واجتماعياً نحن في حاجة إلى إعادة الاعتبار لمهنة المعلم التي هي من أسمى المهن برسالتها وأمانتها في تعليم الأجيال، فبعض الجيل الحالي قد لا يدرك معنى دور المعلم، ولا يعرف عنه غير أنه موظف ينفذ عدداً مهولاً من المهام التي قد لا تغري أحداً بدراسة هذا المجال. ولابد من سعي حثيث لرد الاعتبار الفعلي للمعلم ورعايته ليتحول تقديره إلى سمة اجتماعية عامة تحفز مخرجات الثانوية على الدخول في التعليم. ولاشك أن لدى أصحاب الخبرة في التعليم من الإمكانات ما يجعلهم الأدرى بأسهل الطرق للخروج من أي مشكلة واجهت وستواجه التعليم، وهم المعنيون بواقع التعليم والأكثر قدرة على تشخيص حاله والوصول به إلى ما يتمناه الجميع.