تواجه دول الخليج العربية منذ بدء عملية «عاصفة الحزم» حالة من إعادة التشكيل في علاقتها مع دول المنطقة والعالم. أحداث اليمن أفرزت متغيرات جديدة في النظام الإقليمي العربي بسبب الاتجاهات المستقبلية في سياسات الدول العربية التي أصبحت تتغير حسب المصالح وتوجهات الأنظمة. فالمشكلة الأمنية في اليمن أصبحت أكثر تعقيداً لارتباطها بالمعضلة الأكبر في كل من سوريا ولبنان والعراق. لا أحد ينكر أهمية المبادرة السعودية في عملية «عاصفة الحزم»، لكن هذه المبادرة كشفت لنا مدى ضعف وهشاشة النظام الأمني العربي، وكيف أن بعض الأنظمة والأحزاب والحركات السياسية فيها وحتى الإعلام الرسمي وغير الرسمي سمحت وسكتت نخبها السياسية في كل من العراق وسوريا ولبنان واليمن على تدخل القوى الإقليمية مثل إيران باختراق بلدانهم. كنا ولا نزال ننظر إلى لبنان كدولة عربية ديمقراطية مدنية تتمتع بالتعددية الفكرية والدينية وغيرها لكن انحراف السياسيين عن مسيرة بلدهم ذات النهج الديمقراطي التوافقي إلى اتخاذ مواقف غريبة تتسم بعدم الحيادية، بل اتخذت بعض الحركات السياسية والإعلام الرسمي مواقف طائفية بغيضة تدعم إيران و«حزب الله» ضد إخوتهم في الخليج. المعضلة التي تواجهها دول الخليج اليوم بعد بدء عملية «عاصفة الحزم»، هو كيف يمكن التعامل مع الدل العربية الشقيقة التي تتلقى دعماً مادياً ومعنوياً من دول الخليج، لكنها اليوم عندما تواجه دول الخليج تهديدات أمنية واضحة، نجد هذه الدول وأحزابها وإعلامها تتخذ مواقف معادية سياسياً للسعودية ودول الخليج، حيث يتهم الإعلام وبعض الكتاب والمثقفين العرب في لبنان دول الخليج بالعدوانية والتخلف والغباء السياسي، وقد شارك في عملية الردح الإعلامي التلفزيوني الرسمي، حيث كال الشتائم المقززة ضد السعودية وقادتها التي بدأها حسن نصر الله في خطبه المتعددة بعد حملة «عاصفة الحزم».. ليس هنالك أي مبرر للحكومة اللبنانية أن يتخذ جهازها الإعلامي موقفاً مؤيداً لإيران ضد أشقائهم في الخليج. أشاهد يومياً عشرات المحطات العربية التي تبث من لبنان والتي تستضيف كتاباً ومفكرين وفعاليات دينية ضد توجه ونهج طائفي بغيض يتهجمون على القيادة السعودية ودول الخليج ويشوهون الهدف الرئيسي من «عاصفة الحزم»، فالهدف ليس تدمير وتخريب اليمن وقتل أطفالها وتشريد نسائها، كما يتصور الطائفيون، فالحرب في اليمن ليست ضد «الحوثيين» لأنهم زيديون شيعة ويتعاطفون مع إيران. الحرب كذلك ليست ضد الجارة المسلمة إيران التي تربطنا علاقات تاريخية طويلة وتربطها بدول الخليج مصالح اقتصادية وتجارية وثقافية كثيرة، فنحن نكن لإيران والشيعة كل محبة وتقدير وهدفنا من حرب اليمن هو عودة الشريعة لهذا البلد المنكوب الذي ابتلي بقيادة سابقة ممثلة بالرئيس السابق علي عبدالله صالح الذي يرفض الابتعاد عن الحكم وزج بلده في حروب مستمرة. دول الخليج تدخلت لضمان الأمن والاستقرار لليمن، ولا نملك أي طموحات سياسية أو مذهبية في هذا البلد الشقيق. منطقتنا العربية لا تتحمل حروباً طائفية، فخطر الطائفية يفوق خطر الإرهاب.. فالإرهابيون يثيرون الحروب الطائفية ونحن نحاول إبعاد منطقتنا عن الشقاق الطائفي باسم الدين والمذهب.