قرار مهم الذي صدر عن مجلس الأمن الدولي بفرض حظراً على تزويد جماعة «الحوثي» المتحالفة مع إيران بالأسلحة ومطالبتهم بوقف القتال والانسحاب من المناطق، التي سيطروا عليها وإدراج اسمي نجل الرئيس اليمني السابق وزعيم «الحوثيون» على القوائم السوداء. هذا القرار هو انتصار لـ«عاصفة الحزم» والدبلوماسية السعودية والعرب والشعب اليمني، وهو نجاح لتصدي مجلس الأمن للميليشيات المتمردة التي تمارس الإرهاب في المنطقة، والتي تريد نشر حالة من الخوف والفوضى وعدم الاستقرار، وبخاصة تلك التي سلمت نفسها لدول إقليمية كي تعبث بأمن واستقرار بلدانها، وهو أيضاً رسالة مهمة وبالغة الدلالة إلى الطرف الإيراني لوقف تدخلاته الخطيرة في مواقع عدة من الوطن العربي، حيث إن العالم بأسره اليوم أصبح يرى ويشاهد ما تفعله إيران في المنطقة، ويسخر من تبريرات النظام الإيراني حول مثل هذه التدخلات، والتي تهدف إلى نشر الفوضى والفتن، والحروب الأهلية وخاصة في اليمن، ويخفي هذا العالم ابتسامته كمن يقول: «أما قلنا لكم إن هذه هي حقيقة السياسة الإيرانية». عملية التدخل في شؤون الغير أصبحت اليوم واضحة لكل من له عين تبصر إلا من يريدون أن يكرّسوا العمى السياسي في بصيرة العالم، فالمشكلة تكمن في العقل الذي يحمل في داخله مثل هذا «الفكر المدمر» للأمن والاستقرار والسلم الإقليمي والدولي، لأنه لا يستطيع أن يرى غير الذي تحدده له النخبة السياسية في الدولة الفارسية، والتي في الحقيقة كشفت عن نفسها بوضوح، وعن دورها الوظيفي في المنطقة «المعادي للعرب»، ولكل الآمال والطموحات العربية والإسلامية. فلو نظرنا إلى ما يرتكبه الحرس الثوري الإيراني و«حزب الله» ضد الشعوب العربية في مواقع عدة من العالم العربي وبخاصة في سوريا والعراق أكبر دليل على مصداقية مثل هذا التوجه كذلك الدعم غير المحدود للميليشيات الإرهابية الشيعية وبخاصة «حزب الله» في لبنان الذي اختطف الدولة اللبنانية ويرتكب المجازر اليومية في سوريا، وأيضاً ما ينفقه ملالي إيران من أموال طائلة كلها من قوت الشعب الإيراني على هذه الميليشيات لنشر الفتن، والمذهبية والتأسيس لحروب أهلية، بل الأخطر من ذلك هو تسعير الفتنة الطائفية لتحقيق أهدافها السياسية المميتة. نحن كعرب نكره الحروب بقدر ما نحب السلام والعدالة والتعايش مع الآخر، وهذا التوجه هو استدلال واضح في جوهر الضمير العربي وفي تجاربه التاريخية والحضارية والإنسانية، من هنا اضطر العرب أمام غرور وكبرياء الفرس بما لديهم من ظاهرة التطرف الأيديولوجي والمذهبي ومحاولاتهم المستميتة لنشر الفتنة والفرقة بين أبناء الشعب الواحد إلى المواجهة الحازمة مع مثل هذا السلوك. وإذا كانت الطائفية هي خطر على الإنسانية فكيف إذا كان أصحابها الداعون إليها والمتحمسون لها هم من يروجون مثل هذا الخطر من منطلق أنها فرصة مواتية لاجتياح العالم العربي بواسطة مثل هذه الميليشيات الإرهابية، فماذا يصنع العرب أمام مثل هذا السلوك الذي قرر علانية ودون ذرة من الخجل الهيمنة على دول عربية بهدف الدخول من خلالها إلى دول عربية أخرى؟ ماذا يصنع العرب إذا وجدوا إيران تحارب هذه الحكومات وتعرقل سياساتها بواسطة هذه الميليشيات الإرهابية وأقرب مثال على ذلك ما يفعله «الحوثيون» في اليمن وما يفعله «حزب الله» في لبنان. الحزم في هذه المواقف هو السلاح الرادع لمثل هذا السلوك السياسي الذي لا يراعي أبسط مبادئ الجوار والتعايش والتقارب مع الآخر.