في يوم السبت 11 أبريل، وفي العاصمة البانامية «باناما سيتي»، عُقد اجتماع قمة تاريخي ضم كلاً من الرئيس الأميركي باراك أوباما والرئيس الكوبي راؤول كاسترو. وكُتب لهذا الاجتماع أن يضع حدّاً لأكثر من 60 سنة من العداء المستحكم بين البلدين. وقال أوباما بهذه المناسبة: «لعل الشيء الذي يستحق الإشارة إليه هو أننا كنا نختلف ونحن نتمتع بعقلية وروحية الاحترام المتبادل والتحضّر. وبمرور الوقت، يمكننا أن نعمل على تحسين وتطوير علاقاتنا». ووافقه كاسترو الرأي وعبّر عن استحسانه لهذه العبارات الدافئة ووصف اللقاء بأنه يمثل لحظة فريدة ومتميزة. ولقد تم تبادل هذه العبارات في قمة الدول الأميركية التي تضمّ كوبا كعضو مشارك لأول مرة منذ عدة سنوات. وحظي هذا التقارب المهم بين البلدين بالقبول والترحيب في أوساط الشعبين الكوبي والأميركي. وسوف تشتمل الخطوات المقبلة على مبادرة الولايات المتحدة لشطب كوبا من قائمة الدول الإرهابية وتبادل السفيرين. وجاءت المعارضة لهذا التطور بشكل أساسي من أجيال المعمرين الكوبيين- الأميركيين، الذين سبق لهم أن فرّوا من نظام فيدل كاسترو أواخر عقد الخمسينيات وبداية الستينيات إلى جانب السياسيين الأميركيين المنتمين إلى الحزب «الجمهوري»، الذين اعتمدوا على الدعم الانتخابي لهذه الجماعة المعارضة خاصة في ولاية فلوريدا. وهناك في المقابل عدد من «الجمهوريين» البارزين الذين يرحبون بالتقارب وإقامة علاقات مفتوحة مع كوبا، لأن العوائد الاقتصادية الكامنة في عودة التبادل التجاري بين البلدين مشجعة جداً. وإذا نجحت المفاوضات في وضع العلاقات بينهما على طريق التطوّر والتحسّن، فسوف يتعيّن على الكونجرس الأميركي تحمّل العبء الكبير للتصويت على الإجراءات التشريعية، التي تهدف إلى رفع العقوبات القاسية على كوبا، والتي بقيت سارية المفعول منذ عهد إدارة الرئيس الراحل جون كينيدي. ويعتقد معظم الملاحظين بأن مبادرة كوبا إلى بذل بعض الجهود الصادقة لتحسين سجلّها السيئ في مجال حقوق الإنسان، والعمل على حلّ الخلافات القانونية القائمة مع الولايات المتحدة حول قضية المواطنين الأميركيين، الذين فرّوا إلى كوبا هرباً من الأحكام القضائية بحقهم بسبب الجرائم التي ارتكبوها، سوف تشجع على رفع العقوبات عنها بشكل نهائي. وتؤيد كل دول أميركا اللاتينية عودة العلاقات الأميركية - الكوبية. ويمكن النظر إلى هذا التطور المفاجئ في سياسة الولايات المتحدة على أنه يندرج ضمن إطار الإرث السياسي طويل المدى لإدارة أوباما. وأما عندما يتعلق الأمر بالعلاقات الأميركية مع إيران، فإنه يبدو مختلفاً تماماً ويمثل تحدياً حقيقياً. وتأتي المعارضة القوية للصفقة النووية المقترحة ومحاولة تحسين العلاقات الأميركية- الإيرانية، من الغالبية العظمى لأعضاء الحزب «الجمهوري»، وحتى كبار السياسيين المنتمين إلى الحزب «الديموقراطي» وقادة إسرائيل ودول الخليج المحورية. ثم إن المفاوضات مع إيران متعددة الأطراف بحيث لا يمكن للولايات المتحدة أن تقفز فوق إرادة شركائها من مجموعة دول 5+1 إذا عمد الكونجرس إلى وضع شروطه الخاصة لإتمام عقد الاتفاقية النهائية. ولا شك أن الشركاء الآخرين للولايات المتحدة سينفضون أيديهم من هذه الصفقة نهائياً. ويضاف إلى ذلك أن القرار الذي اتخذته روسيا في 13 أبريل الجاري بتزويد إيران بصواريخ أرض- أرض متطورة من طراز «إس-300»، سوف يستثير الكثير من الغضب في الولايات المتحدة وإسرائيل، وسيساعد على الاقتناع بالطرح الذي يفيد بأن من الأفضل اللجوء إلى استخدام القوة العسكرية ضد إيران لوضع حدّ لبرنامجها النووي قبل وصول الصواريخ الروسية إليها. وسبق لمعظم الدول الآسيوية الصديقة للولايات المتحدة التي تربطها بإيران علاقات اقتصادية جيدة، أن اكتفت بالموافقة على فرض عقوبات عليها عبر الأمم المتحدة من أجل إقناعها بالجلوس على طاولة المفاوضات. ولو انتهت تلك المفاوضات إلى الفشل لسبب أو لآخر في نهاية المطاف، فإن من الأرجح ألا ترى كل من الصين وحتى اليابان وكوريا الجنوبية ودول جنوب شرق آسيا، ما يكفي من الأسباب لمواصلة التقيد بنظام العقوبات المفروضة على إيران. وعندما تبلغ العقوبات الأميركية هذه المرحلة، فلن تكون كافية لتحقيق الضرر المنشود في الاقتصاد الإيراني. وسوف تجد إيران أن من السهل عليها تحسين وضعها المالي وأن تطور استثماراتها في برنامجها النووي. وهناك احتمال قائم في أن يصادق الكونجرس على الصفقة، وأن يؤجل إصدار القرار بشأنها إلى حين الاتفاق على كل بنود الاتفاقية النهائية، إلا أن من غير الواضح ما إذا كان الإيرانيون من أصحاب الخط المتشدد سيواصلون دعمهم للمفاوضات، وربما يعلنوا بقوة بأن من غير الممكن وضع الثقة بالأميركيين بالوصول في الصفقة إلى نهايتها.