قيام مجلس أبوظبي للتعليم بدمج الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة في مراحل التعليم المختلفة، وتوفير الظروف التي تضمن تحصيلهم العلمي يُعدُّ توجُّهاً تربوياً ومجتمعياً مهماً، لأنه يسهم في انخراط هؤلاء في بيئة مدرسية ومجتمعية صحية تتيح لهم المشاركة الفاعلة في المجتمع. لقد أعلن مجلس أبوظبي للتعليم مؤخراً أنه نفذ خطة لتوفير المناخ الملائم لضمان حصول شريحة الطلاب المعاقين على الخدمات، خاصة من يعانون إعاقات حركية، ووفر ضمن خطته ما يقارب 550 خدمة للطلاب من هذه الشريحة في العام الجاري، شملت أقلاماً ومقاعد وطاولات وأجهزة حاسب آلي وحقائب مخصصة لهم، وأجهزة تواصل بالرموز وصلت إلى نحو 15 نوعاً من الأجهزة. ولاشك في أن هذه الخطة توفر بيئة مناسبة لاحتياجات وإمكانات هؤلاء الطلاب من ذوي الاحتياجات الخاصة، وتعزز من صحتهم النفسية وتوافقهم الاجتماعي مع أقرانهم في الصفوف الدراسية المختلفة. توفير البيئة المدرسية الإيجابية للطلاب من ذوي الاحتياجات الخاصة يأتي ضمن سياسة عامة يتبناها مجلس أبوظبي للتعليم، تتضمن العديد من الخطوات المهمة، بعضها يتعلق بتهيئة البناء المدرسي حتى يكون ملائماً لاستقبالهم، ودمجهم بصورة ناجحة، من خلال تزويد المدارس بأحدث الأجهزة والتقنيات التي تتناسب مع احتياجاتهم، وبما يساعدهم على تطوير مهاراتهم، ليصبحوا أفراداً مستقلين، وبعضها الآخر يتعلق بوضع ضوابط محددة لضمان عملية الدمج، تتعلق بطبيعة الفصول الدراسية المخصصة لهم، وإشراك أولياء الأمور في عملية دمجهم، فضلاً عن تدريب أعضاء الهيئة التدريسية على كيفية تحديد احتياجات هؤلاء الطلبة من ذوي الاحتياجات الخاصة ومساعدتهم على الاندماج مع أقرانهم، من خلال تدريبهم على أحدث البرامج والأساليب العلمية الخاصة بهذه المهمة. التوجه نحو دمج ذوي الاحتياجات الخاصة في مدارس الدولة المختلفة، علاوة على أبعاده التربوية المهمة، أمرٌ ينطوي على العديد من المردودات الاجتماعية الإيجابية التي تنعكس على هؤلاء، حيث يُسهم في تنمية الكفاءة الاجتماعية لديهم، بغرس السلوكيات الطيبة للتفاعل وبناء علاقات مع الآخرين وتحقيق التوافق الاجتماعي والاندماج في المجتمع، مما يمنحهم شعوراً بالاحترام والتقدير والمودة والتفاهم والثقة بالنفس ويقلل من إحساسهم بالعزلة والعجز، وهذا يصبُّ في تعزيز الجانب الاجتماعي للتنمية، والمتمثل في بناء مجتمع إيجابي ومتوازن ومستقر، يضمن مشاركة كل قواه وعناصره في صناعة التنمية والاستفادة من مكاسبها وثمراتها في الوقت نفسه، وتعميق القيم التي توجد منظومة صحية من التفاعلات والعلاقات بين قوى المجتمع وفئاته المختلفة، لأن التنمية المجتمعية أو الاجتماعية الصحية هي تلك التي تركز على تحفيز قوى المجتمع المختلفة على المشاركة والإنتاج، والاهتمام بالشرائح التي لها ظروف خاصة مثل المعاقين، والسعي إلى دمجهم في الإطار المجتمعي الأوسع، باعتبارهم شركاء أساسيين وفاعلين في نهضة المجتمع وتطوره. في إطار سياستها الخاصة بتحقيق التنمية الاجتماعية الشاملة والمستدامة، تولي الدولة فئة ذوي الاحتياجات الخاصة اهتماماً كبيراً، وتحرص على توفير مختلف أوجه الرعاية لهم، وذلك ترجمة للقانون الاتحادي رقم 29 لسنة 2006 الذي اعتمده صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، الذي يستهدف بالأساس الحفاظ على حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وضمان دمجهم في المجتمع وتوفير حياة أفضل لهم، من خلال إتاحة منافذ العمل والتعلم أمامهم، وإنشاء مؤسسات خاصة لرعايتهم، مما جعل إنجازات كبيرة تتحقق لهذه الفئة، التي أصبحت بالفعل تشارك في حركة تنمية المجتمع وتطوره على المستويات كافة. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية