هل غيّر المرشد الأعلى في إيران علي خامنئي، رأيه بشأن الموعد الذي ينبغي فيه رفع العقوبات المفروضة على بلاده بناء على اتفاق «إطار العمل» الموقع في 2 أبريل الجاري في مدينة لوزان السويسرية مع الولايات المتحدة الأميركية والقوى العالمية الخمس الأخرى؟ بحسب صحيفة «واشنطن بوست» أن خامنئي أكد في خطاب ألقاه في 9 الشهر الجاري «أنه لابد من رفع العقوبات بشكل كامل بمجرد التوصل إلى اتفاق». وفي تغريدة نُشرت في اليوم ذاته على حساب خامنئي في موقع «توتير» شدد على أن «جميع العقوبات ينبغي رفعها مع التوصل إلى الاتفاق، وإذا كان رفعها يعتمد على عملية أخرى فلماذا بدأنا المحادثات؟». أما الرئيس الإيراني حسن روحاني فقال: «إن كافة العقوبات على إيران سيتم إلغاؤها منذ اليوم الأول لتنفيذ الاتفاق». وقد تميزت قراءة الرئيس الإيراني بمسحة واقعية مقارنة بالمرشد الأعلى الذي بدا كثير المطالب. وحتماً سيكون هناك اختلاف زمني بين اليوم الذي سيتم فيه توقيع الاتفاق النهائي بين إيران ومجموعة «5+1»، إذا تم التوصل إلى مثل هذا الاتفاق، ويوم بدء تنفيذه. وبهذه الكيفية يبدو أن هناك خلافاً بين خامنئي وروحاني. ولكن في 10 أبريل، نشر الموقع الرسمي لخامنئي نسخته من خطاب المرشد الأعلى في اليوم السابق. ويقول: «إن آية الله خامنئي قال إنه طلب أيضاً من المفاوضين الإيرانيين المطالبة بإلغاء العقوبات جميعها مرة واحدة، وهذه مسألة مهمة جداً، وينبغي أيضاً إبطال العقوبات في اليوم ذاته (الذي تطبق فيه الاتفاقية)». والملاحظ هو الكلمات بين الأقواس، التي أضيفت إلى تصريح خامنئي، على موقعه الرسمي. وبدا أن هذه الإضافة الصغيرة تجعل تصريح خامنئي متوافقاً مع ما قاله روحاني. وبالطبع لا يتفق أي من الرؤيتين الإيرانيتين تماماً مع تصريح الرئيس أوباما في 2 أبريل بأن تخفيف العقوبات على إيران مرهون بالخطوات التي ستتخذها للالتزام بالصفقة. كما لا تتفقان أيضاً مع «وثيقة المعلومات الأميركية» التي تنص على أن «العقوبات سيتم رفعها فوراً مع إنجاز إيران الإجراءات ذات الصلة بالبرنامج النووي، التي تعالج كافة المخاوف الرئيسية»، ولاسيما أن البنود المدرجة على الوثيقة يمكن أن تستغرق أشهراً، إن لم يكن أعواماً، لتنفيذها. والدرس المستفاد هو ألا نقفز مباشرة إلى نتائج هذه المفاوضات، وأن نتذكر أنه لا يزال هناك طريق طويل قبل التوصل إلى أي اتفاق نهائي بشأن موضوع بالغ التعقيد. وتذكّر المفاوضات الحالية «جاري سيك» الأستاذ في جامعة كولومبيا بالعملية التي سبقت إطلاق إيران للرهائن الأميركيين في يناير عام 1981. ويؤكد «سيك»، الذي عمل أثناء أزمة الرهائن في ظل إدارة كارتر كمتخصص في الشؤون الإيرانية لدى مجلس الأمن القومي، أن «الإيرانيين أصروا على وضع عدد من المبادئ في المقدمة، ولكنهم أيضاً أبدوا رغبتهم في تقديم تنازلات كبيرة في الحواشي أو النسخة المنقحة من الاتفاق». وذكر «سيك» أنه في عام 1981، قبل الخميني «عملية التوصل إلى صيغة لحلول بشأن ما بدا تناقضات جوهرية، بشكل يراعي المتطلبات السياسية لكل طرف»، واصفاً ذلك بأنه من «جوهر الدبلوماسية». وفي خضم تحليل اتفاق إطار العمل مع إيران، من الجدير في بعض الأحيان أن ندرس آراء «الخبراء». فعلى سبيل المثال، كتب «سيك» مؤخراً أن وزيري الخارجية السابقين هنري كيسنجر وجورج شولتز في مقالهما الذائع الذي نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» في 7 أبريل، ربما شاركا في «تغيير قواعد اللعبة» عند مقارنته مع التحليل الذي كتباه في الصحيفة نفسها بعد اتفاق جنيف في نوفمبر عام 2013 بين إيران ومجموعة «5+1» الذي أرسى أسس المفاوضات الحالية. وفي ذلك الوقت، أكد كيسنجر وشولتز أن الاتفاق الذي يجمد بشكل مؤقت برنامج إيران النووي ويقلص مخزوناتها من اليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المئة كان «فترة توقف تكتيكية» في تحرك إيران صوب اكتساب قدرات نووية عسكرية ما لم «يتم تحجيم قدرتها التقنية على تصنيع سلاح نووي بصورة فعلية خلال الجولة التالية من المفاوضات المرتقبة». ودعونا نقارن ما وضعه كيسنجر وشولتز في 2013 كأهداف مطلوبة، في الفقرات التالية، مع الوصف الوارد في الوثيقة الأميركية بشأن ما تضمنه اتفاق 2 أبريل. وفي عام 2013، طالبا بـ«خفض كبير بشكل استراتيجي في عدد أجهزة الطرد المركزي»، وينص اتفاق إطار العمل الجديد على خفض أجهزة الطرد المركزي التي تم تركيبها في إيران من 19 ألفاً إلى 6104 أجهزة. وأرادا «تقييد تركيب أجهزة طرد مركزي متطورة»، وتؤكد الاتفاقية أن كافة الأجهزة المركبة ستكون خلال الأعوام العشرة المقبلة من نماذج الجيل الأول الإيرانية، مع وضع الأجهزة الأحدث في مخزون تُشرف عليه الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وطالبا بإغلاق الطريق أمام قدرات إنتاج البلوتونيوم، وتؤكد الخطة أن مفاعل «آراك» للمياه الثقيلة، القادر على إنتاج البلوتونيوم من الدرجة الصناعية ستتم إزالة قلبه الأصلي وتدميره. وقالا: «إن أي نشاط لابد أن يكون قاصراً على برنامج مدني مقنع يخضع لمراقبة شاملة»، والاتفاقية تؤكد أن مفاعل «نتانز» سينتج يورانيوم مخصب بنسبة 3,67 في المئة فقط، على أن يبقى المخزون عند 300 كيلوجرام خلال الأعوام ال15 المقبلة. ولن يخصب مفاعل «فوردو» الموجود تحت الأرض أي يورانيوم خلال الفترة ذاتها. وعلى رغم ذلك، لا يزال كيسنجر وشولتز غير راضيين! ------------ والتر بينكوس، محلل سياسي أميركي يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»