تَعتبِر دولة الإمارات العربية المتحدة قضية حماية حقوق المستهلك مكوناً محورياً من مكونات ومحاور عملها التنموي الشامل، وآلية لضمان حق الإنسان في العيش الكريم، باعتبار أن إشباع الحاجات الاستهلاكية المباشرة بطرق آمنة وصحية وغير مرهقة اقتصادياً، يمثل مطلباً أساسياً لاستقرار حياة الأفراد والمجتمع، وضرورة لبناء جسور الثقة بين الفرد ومجتمعه. وتنطلق الإمارات في هذا الإطار من «الميثاق الدولي لحقوق المستهلك» الذي يحدد ثمانية حقوق للمستهلك، يجب على الدول ضمانها وحمايتها، وتتمثل هذه الحقوق في: الحق في إشباع الحاجات الأساسية بطرق آمنة، والحق في الأمان من مخاطر الاستهلاك، والحق في التعويض ضد الأضرار الناتجة عن استهلاك المنتجات المعيبة، والحق في المعرفة، والحق في التثقيف، والحق في الاختيار بين المنتجات بحرية تامة، والحق في الاستماع إلى آرائه، والحق في الحياة في بيئة صحية ونظيفة. وفوق التزام دولة الإمارات العربية المتحدة بالوفاء بجميع الحقوق التي يتضمنها «الميثاق الدولي لحقوق المستهلك»، فهي تمتلك تجربة مميزة في هذا الشأن على المستوى المحلي، وفي هذا الإطار أعلنت المؤسسات الإماراتية خلال الأيام القليلة الماضية قيامها بعدد من الإجراءات ذات الارتباط المباشر بحماية حقوق المستهلك، من بينها قيام عدد من الوزارات، وعلى رأسها «وزارة الاقتصاد» و«وزارة الصحة»، ودوائر التنمية الاقتصادية في الإمارات المختلفة، بعقد الاجتماع الأول للجنة العليا لحماية حقوق المستهلك في عام 2015؛ من أجل مناقشة أوضاع حقوق المستهلك في الدولة. وفي إطار جهود الدولة لتوفير بيئة استهلاكية آمنة، فإنها تدعم القدرات الشرائية للمستهلكين، وتحفظ حقوقهم. جدير بالذكر أن مثل هذا الاجتماع يأتي ضمن سلسلة من الإجراءات والجهود التي تبذلها الإمارات في إطار المتابعة الدائمة لواقع حقوق المستهلك فيها، وحرصها على نشر الوعي المجتمعي بهذه الحقوق، وإرشاد المستهلكين إلى السلوك الاستهلاكي السليم والآمن والمفيد لهم ولمجتمعهم، بما يحمي حياتهم ويصون حقوقهم. بالإضافة إلى ما تقوم به الدولة من إجراءات تشريعية وتنفيذية تُلزم المنتجين والموزعين والتجار بمعايير كفاءة المنتج وجودته وخدمات ما بعد البيع. فضلاً عن قيامها بسحب المنتجات والسلع غير المطابقة لتلك المواصفات والمعايير؛ بهدف حماية المستهلكين من الأخطار التي يمكن أن يتعرضوا لها في حال استهلاكهم تلك المنتجات. إن دولة الإمارات العربية المتحدة تتعامل مع قضايا حماية حقوق المستهلك من منطق أن «حماية المستهلك مسؤولية وطنية»، كمبدأ لسياساتها العامة في هذا المجال، وتلزم به جميع مؤسساتها الوطنية، في إطار مسيرة شاملة تستهدف الوصول إلى غاية واحدة، ألا وهي تمكين المستهلك من الحصول على حقوقه كاملة، باعتبار أن هذا الأمر يمثل ترجمة عملية لعوائد النمو والتنمية الاقتصادية التي تعكسها المؤشرات الدولية، كونه يحولها إلى منافع يستفيد منها المستهلك في حياته اليومية من دون صعوبات. وفي النهاية يمكن القول: إن مساعي دولة الإمارات العربية المتحدة في مجال حماية حقوق المستهلك تتسم بالتوازن الشديد، وهو التوازن الذي يقصد به المساواة بين جميع المستهلكين في مختلف المناطق، وحماية حقوق المنتجين في الوقت نفسه، وذلك في إطار سياسة عامة تراعي التشابكات بين المتغيرات والقطاعات الاقتصادية، وتحمي حقوق الجميع وتلزمهم تَحمُّل مسؤولياتهم، بما يحقق الصالح العام في نهاية المطاف.