تكمن النقطة الأضعف في دفاع أوباما عن اتفاقه مع إيران في زعمه «أنه اتفاق جيد حتى لو لم تتغير إيران على الإطلاق». ودعونا نبحث هذا السيناريو، ستجني إيران إيرادات جديدة من رفع العقوبات تقدر بمئات المليارات من الدولارات، وبالطبع ستستخدم كثيراً منها في تمويل مغامراتها العسكرية الدائرة في العراق وسوريا ولبنان واليمن. وسترسل أيضاً مزيداً من الأسلحة إلى «حماس» وجماعات فلسطينية أخرى، وتستثمر أموالاً طائلة في صواريخها طويلة المدى وأسلحتها الإلكترونية، وأنواع أخرى من التكنولوجيا العسكرية لا تشملها الاتفاقية. وستواصل تطوير أجهزة طرد مركزي لتخصيب اليورانيوم. وبعد عشرة أعوام من الآن ستبدأ في تركيبها. ووفقاً لحسابات أوباما، في غضون 13 أو 14 عاماً ستبزغ إيران كدولة ذات قدرات نووية، وسيتقلص الوقت اللازم لها لإحداث «اختراق» إلى الصفر. وستسعى إلى الهيمنة على الشرق الأوسط، ومحو إسرائيل، ولكن بموارد أكبر بكثير وقدرة على تصنيع سلاح نووي في أي وقت تختاره. وسيضطر أي رئيس مستقبلي، يذعن لمسؤولي الإدارة، إلى العودة إلى الاستراتيجية ذاتها من فرض عقوبات وتدمير وتهديد باستخدام القوة التي يقترح أوباما الآن تنحيتها جانباً، ولكن احتمالات منع إيران من امتلاك أسلحة نووية ستكون أسوأ بكثير منها في الوقت الراهن. وعلى أقل تقدير، من المستبعد أن يوافق ذلك الرئيس المستقبلي على أن أوباما عقد صفقة جيدة. لذا، دعونا نكون صادقين: كل شيء يعتمد على أمل أوباما في أن الانفراجة النووية ستغير إيران. وكما أوضح لـ«الراديو العام الوطني»: «إذا انخرط الإيرانيون في قطاع الأعمال الدولي، وأصبح لديهم مستثمرون أجانب، وأضحى اقتصادهم أكثر اندماجاً مع الاقتصاد العالمي، سيكون من الصعب عليهم عندئذ بكل السبل ممارسة سلوكيات تتناقض مع المبادئ الدولية». ومن غير المرجح أن تحاول إيران الخداع بشأن التزاماتها النووية، أو زيادة قدرتها على تخصيب اليورانيوم بشكل سريع عندما ينتهي أجل القيود. وكما يعتقد الرئيس الأميركي، بدلاً من السعي إلى تدمير إسرائيل أو أنظمة عربية، ستحاول طهران عندئذ ترسيخ «توازن» إقليمي من شأنه في المقابل فتح الباب أمام حلول وسط للحروب في سوريا وأماكن أخرى. وستصبح لديها «علاقات مختلفة» مع الولايات المتحدة. وربما ينكر أوباما أن هذا التحول منصوص عليه في البنود التي اتفق عليها. ولكن من المعروف أن إيمانه بأن «الانفتاح» على الأنظمة المارقة سيفضي إلى تغيير سلمي وإيجابي هو جوهر السياسة الخارجية الذي يميز رئاسته، والتي طبقها على كل من بورما وكوبا، إضافة إلى إيران. ويفسر السبب في أنه سيوافق على تقييد مؤقت، بديلاً عن التخلص من قدرة إيران على تصنيع قنبلة نووية. فلا جدوى من مجرد شراء الوقت، ما لم يتوقع حدوث تغيّر ما. وبالتالي، فإن السؤال الأهم بشأن الاتفاق ليس حول الإطار الزمني لرفع العقوبات، أو ما إذا كانت عمليات التفتيش قوية بما يكفي أما لا. وإنما حول «تزايد قوة تلك القوى الإصلاحية داخل إيران التي تقول: ليس علينا أن نظهر أنفسنا بشكل كامل من خلال عدسات آلتنا الحربية»، حسبما أخبر أوباما «نيويورك تايمز». فهل يمكن أن تصبح تلك القوى أكثر قوة؟ ربما قبل خمسة عشر عاماً كان معظم الخبراء الغربيين المتخصصين في الشأن الإيراني سيقولون نعم. ولكن ذلك كان عندما انتخب الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي في عام 1997، الذي شجع «حوار الحضارات»، وأكد أن على الفلسطينيين تقرير مستقبل بلادهم، وعندما خرج الطلاب الليبراليون في مسيرات داخل الجامعات، وطالبت الصحافة المستقلة بمزيد من الحريات. وفي عام 2009، عندما خرجت «الحركة الخضراء» إلى الشوارع عقب الانتخابات المتنازع عليها، بدت إمكانية التغيير السياسي الجذري في طهران حقيقية مرة أخرى. ولكن اتضح أن كلاً من الليبراليين الإيرانيين، والمحللين الغربيين، قللوا من قوة الدولة العميقة في إيران، المتمثلة في الحرس الثوري ورجال الدين والقضاء المتعصب. وسحقت تلك القوة كل من خاتمي والحركة الخضراء، ويترأسها المرشد الأعلى، الذي كرر الأسبوع الماضي كرهه الواضح للغرب وكل شيء يمثله. وفي الوقت الراهن، من الصعب أن نجد خبيراً يؤمن بأن إيران سرعان ما ستتحول إلى قوة أكثر لطفاً، على الرغم من انتخاب المعتدل حسن روحاني رئيساً في عام 2013. ويتوقع المسؤولون البارزون حالياً وسابقاً في الإدارة الأميركية، الذين تشاورت معهم، أن يظل النظام الإيراني على حاله خلال السنوات القليلة الممقبلة، أو ربما يتغير إلى الأسوأ. وتوقع أكثرهم أن خامنئي إن لم ينهي الاتفاق صراحة، فإنه سيعمل على إثبات أنه لن يغير الأجندة الثورية للدولة. يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»