رغم التغطية الإعلامية الواسعة التي حظيت بها الأزمة اليمنية في وسائل الإعلام الدولية، إلا أن العناوين الأساسية ركزت تحديداً على التطورات العسكرية، والحال أنه في عالم تطغى عليه الدبلوماسية الأميركية النشطة ظل حدثان أساسيان خارج التغطية، ولم يحظيا بما يستحقان من تحليل، كان أحدهما تصريح وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، يوم الأربعاء الماضي في لقاء تلفزيوني تحدث فيه عن اليمن، وحذر إيران من استمرار دعمها للحوثيين، وعندما سأله الصحفي عن مدى تأكده من دعم إيران للمتمردين «الحوثيين»، وهي التهمة التي تنفيها إيران بشدة، ناقض «كيري» وجهة النظر الإيرانية بقوله «هناك بالتأكيد إمدادات تصل اليمن من إيران، كما أن هناك عدداً من الرحلات الجوية»، ثم ذهب «كيري» أبعد من ذلك قائلاً: «إنه على إيران أن تدرك جيداً بأن الولايات المتحدة لن تقف متفرجة فيما المنطقة تعاني عدم الاستقرار، وفيما تنخرط شعوب المنطقة في مواجهات سافرة»، هذا في الوقت الذي أوضح فيه مسؤولون أميركيون آخرون للصحافة أن أميركا ستواصل تصديها «للتوسع والعداء الإيرانيين»، وأنها ستعمل جنباً إلى جنب مع دول الخليج العربية لدعم قدراتها الدفاعية والأمنية. ولا شك أن هذه التصريحات تنطوي على أهمية قصوى بالنظر إلى بعض الشكوك التي أبداها مراقبون ومحللون في أميركا وخارجها من أن أوباما حريص على توقيع اتفاق نووي مع إيران لدرجة أنه مستعد للتساهل معها في قضايا أخرى مخافة إجهاض المفاوضات التي دخلت الآن مرحلة حرجة، وهو ما نفاه وزير الخارجية الذي أوضح يوم الأربعاء الماضي أن المسؤولين الأميركيين ليسوا منصرفين حصرياً إلى الموضوع النووي لدرجة أنهم تخاذلوا في التعامل الصرام مع إيران. أما الحدث الآخر الذي لم يحظَ بما يستحقه من اهتمام إعلامي، فيتعلق بالزيارة التي قام بها إلى السعودية يوم الثلاثاء الماضي نائب وزير الخارجية، «توني بلينكن»، الذي حرص على الحديث إلى الصحافة في الرياض وتأكيده بما لا يدع مجالاً للشك الدعم الأميركي القوي للسعودية في اليمن، حيث قال إن المملكة «تبعث برسالة واضحة إلى الحوثيين وحلفائهم بأنهم لا يستطيعون اجتياح اليمن بالقوة»، وأضاف أنه «وكجزء من الدعم الأميركي سرعنا بإرسال بعض الأسلحة، كما رفعنا من وتيرة تقاسم المعلومات الاستخباراتية»، هذا فيما أكد المتحدث باسم البنتاغون، الكولونيل «ستيف وورن»، أن الولايات المتحدة لن تكتفي بتسريع تسليم الذخيرة والأسلحة المنصوص عليها في الاتفاقيات السابقة، بل ستقدم مساعدة جديدة للسعودية. والحقيقة أنه لا يوجد أدنى شك في دعم المسؤولين الأميركيين القوي للسعودية، ووقوفهم إلى جانبها في إسناد الحكومة اليمنية الشرعية التي يمثلها الرئيس عبد ربه منصور هادي في صراعه مع «الحوثيين» المدعومين إيرانياً. وقبل عقد من الزمن حينما انطلق التمرد الحوثي في شمال اليمن وبدأ يهدد «باستعادة» المناطق الخاضعة للسيطرة السعودية، تصاعدت مخاوف الرياض، تلك المخاوف التي وصلت ذروتها في التطورات الأخيرة، عندما اجتاح «الحوثيون» العاصمة صنعاء، وتمكنوا من إسقاط حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، بحيث لم يكن أمام السعودية سوى التدخل العسكري بمساعدة من حلفائها العرب، ومؤازرة من أميركا لمنع سقوط اليمن في أيدي إيران.