أمضى وزير المالية البرازيلي «جواكيم ليفي» يوم الثلاثاء الماضي سبع ساعات متواصلة في محاولة لإقناع أعضاء مجلس الشيوخ البرازيلي بأن التقشف هو الفرصة الوحيدة أمام الدولة للتغلب على ضائقتها المالية، والحفاظ على تصنيفها الائتماني السيادي من السقوط في منطقة مليئة بالمخاطر. وأوضح «ليفي» للجنة الشؤون المالية بمجلس الشيوخ أن «تكلفة فقدان الدرجة الاستثمارية ستكون باهظة»، ولذا، فلن يكون هناك خدمات مدعومة، أو بنزين بأسعار منخفضة، أو قروض ميسرة للشركات المفضلة، أو اعفاءات ضريبية، أو تأجيل دفع فواتير هذا الشهر حتى الشهر المقبل، كما قال «ليفي» الذي كان يتجنب الانتقادات عن طريق إضفاء الفكاهة ورسومات الباور بوينت التوضيحية. يدرك وزير المالية جيداً أنه يجب الحصول على موافقة لتطبيق إجراءات التقشف من خلال هيئة تشريعية أكثر اعتياداً على الجشع. وقد ظهرت لمحة من المتاعب المنتظرة في تصويت مجلس النواب مؤخرا بتخفيف ماليات الدولة من خلال أسعار فائدة أبسط وشروط أسهل للسداد. وقد تمكن ليفي من إيقاف تصويت مجلس الشيوخ، بيد أنه لم يستطع إلغاء مشروع القانون، الذي قد يكلف دافعي الضرائب 3 مليارات ريال (أكثر من 954 مليون دولار) هذا العام. والجديد هو أن الرئيسة «ديلما روسيف» يبدو وكأنها اقتنعت أخيراً أن مستقبلها مرتبط بوزير المالية «ليفي»، الذي أصبح مؤخرا الوزير الخارق في البرازيل، ومنذ عهد الحكم العسكري لم يتمتع أي مسؤول مالي بهذه المكانة الكبيرة في البرازيل. وفي هذا السياق، ذكر لي وزير المالية السابق «ميلسون دي نوبريجا» أن «ليفي قد أصبح الوزير المتحكم في الصمامات، فإذا ما أغلقها، ستغرق البلاد في ظلام»، وهذا ترتيب غريب. فقد كان «ليفي» في الصف الخامس عندما تم إلقاء القبض على الرفيقة «فاندا» – أحد الأسماء الحركية ل«روسيف» – وهي تخطط للسطو على أسلحة من أجل الثورة، وقد نجت من زنزانات الديكتاتور لتصبح شخصية تكنوقراطية طموحة ذات قبضة حديدية في موقعها كمديرة دقيقة ونقاط ضعف لا يحبها إلا أصحاب الأفكار الماركسية – اللينينية، أما «ليفي»، فقد درس الهندسة البحرية، ثم الاقتصاد، وحصل على شهادة الدكتوراه من جامعة شيكاغو، حيث تخصص في السوق الحر. وقد اشتبك الطرفان علانية، عندما كانا يخدمان معا في عهد الرئيس السابق «لويس ايناسيو لولا دا سيلفا»، الذي عين «ليفي» للحفاظ على سجلات البرازيل وطمأنة الدائنين. وفي 2005، عندما دافع ليفي عن خطة لخفض النفقات من أجل القضاء على العجز العام، قامت «روسيف»، التي كانت في ذلك الوقت تشغل منصب كبيرة المستشارين للرئيس «لولا»، بمنع الخطة ووصفتها بأنها «متخلفة»، وقد رشحت نفسها لإعادة انتخابها العام الماضي استنادا إلى برنامج انتخابي يسخر صراحة من الرأسمالية، محذرة أن انتصار أمثال ليفي من شأنه انتزاع الطعام من أفواه البرازيليين. والآن، أصبحت «روسيف» و«ليفي» أحدث صديقين مقربين في البرازيل، ولكننا لا نعلم ما إذا كان هذا الود سيستمر. ومع بلوغ معدلات التأييد ل«روسيف» أدنى مستوياتها، ومواجهة البرازيليين للركود، والركود التضخمي وفقدان الوظائف، فإن «روسيف» تنزف رأسمالها السياسي. وفي حين أنه بالإمكان تنفيذ معظم الهيكلة المالية بموجب أمر تنفيذي، إلا أن المشرعين البرازيليين – والعديد من وزراء حكومة روسيف البالغ عددهم 39 -- يتخيلون سياسة مالية جديدة. وقد تعهدت «روسيف» بأنها ستفعل ما بوسعها لتلبية «الأهداف المالية لوزير ماليتها «ليفي». ماك مارجوليس محرر في بلومبيرج فيو ومقيم في ريو ددي جانيرو