تتكرر الصور المخيفة التي تحمل مشاهد المأساة التي اتفق المعلقون على أنها مأساة لاإنسانية ولا يمكن وصفها بكل اللغات سوى أنها «وحشية» و«لاإنسانية» وصور من مأساة فاقت كل المآسي الهمجية التي ارتكبتها نظم أو جماعات أو أحزاب عقائدية منذ النازية والفاشية.. تتكرر هذه الصور البشعة التي تشابهت ونُقلت عبر الفيديوهات المتلفزة من تكريت العراقية إلى عدن اليمنية إلى مخيم اليرموك بالعاصمة السورية إلى جارسيا الكينية، إلى قرى نائية في غرب نيجيريا.. تتكرر صور المآسي الوحشية من كل مكان حل فيه الإرهاب والإرهابيون.. فهؤلاء المتوحشون (نعم المتوحشون) هم من يلحقون بالإسلام والمسلمين أذى وضرراً عجز أعداؤه وأعداؤهم التاريخيون أن يلحقوه بهذا الدين وأهله. أكتب هذا المقال، وقد تكاملت صورة الهجوم والمذبحة البشرية التي اقترفها فصيل صغير من تنظيم «الشباب» الصومالي في كلية جارسيا الجامعية التي نتج عنها اغتيال أكثر من 170 طالباً وطالبة، وسقوط عشرات الجرحى من الطلاب الذين كتبت لهم النجاة من رصاص «المجاهدين الإسلاميين».. ومع انهمار الرصاص كان هؤلاء الجهلة الأغبياء يتصايحون «الله أكبر.. الله أكبر» ويعلم العليم المتعالي أنه ودينه السمح بريء منهم. صحيح أن الرئيس الكيني قد أصدر أوامر حاسمة إلى قواته المسلحة والأمنية بمتابعة هذا التنظيم الإرهابي إلى آخر الشوط، وتقديم من يقبضون عليه إلى «العدالة الناجزة».. ونسجل له أنه قد تحدث بوعي ومسؤولية وهو يخاطب شعبه «بقلب حزين»، وكرر التأكيد أن هؤلاء لا يمثلون الإسلام ولا المسلمين وأن شعب كينيا وقيادته «ليست لديه مشكلة» مع الإسلام ولا المسلمين. لقد هبت حملة في وجه إدارة الرئيس الكيني عقب الحادث، ربما بسبب بشاعة الحدث الإرهابي وقسوته على أهالي الضحايا وزملائهم، واتهمت بالتهاون والضعف في مواجهة تنظيم «الشباب» الصومالي، فليس هذا الحادث الشنيع هو الأول له في كينيا، فقد سبقه احتلال المجمع التجاري في نيروبي وقد سبقت الهجوم على كلية جارسيا إشارات كان يجب الانتباه إليها من جانب أجهزة الأمن الكينية، فقد أصدرت السفارة البريطانية وتبعتها الأسترالية توجيهاً إلى رعاياهم نصحتهم بعدم السفر إلى كينيا إلا للضرورة، وذلك قبل ستة أيام من وقوع الحادث. وذكرت فيه بالاسم جارسيا.. ولكن الرئيس بنصيحة لقادة أجهزته الأمنية والعسكرية قلل من أهمية التوجيه البريطاني والأسترالي، وأكد في بيان رسمي أن كينيا آمنة مثل أي بلد في العالم وأن تحذيرات أصدقائنا غير واقعية. وتتكرر صور المذابح والمقابر الجماعية التي ارتكبتها «داعش» في العراق ليس ضد المسيحيين وحدهم بل ضد المسلمين. وهذه هي الحقيقة، على أصدقائنا وحلفائنا في المجتمع الدولي أن يتفهموا أن حربنا نحن المسلمين ضد الإرهاب وهمجيته، التي نحن ضحاياها الأوائل، لن تقف حدودها عند أوطاننا ولن يقتصر أذاها على شعوبنا وحدها، فهذا الوباء الذي أخطأوا عندما تعاملوا معه بما نعرف ويعرفون في بداية الأمر منذ أفغانستان، يعمل على انتشاره وتوسيع دائرته مرضى ومجانين تساندهم قوى إقليمية وتمولها جماعات. إننا نعيش الآن مرحلة بالغة الخطورة وكل يوم يمر علينا يزداد الخطر والخطورة وكلمات العزاء وقرارات مجلس الأمن التوافقية لن تحل ما يسمونه الأزمة.. فمن أشعلوا نيران هذه الأزمة ومن خلفهم يخوضون حرباً انتحارية لا يهمهم من يكون ضحاياها، وعلينا أن نقف هذه الحرب عند حدها بقطع رؤسائها.