كيف يقتل "الحوثي" اليمني جاره أو صديقه؟ وكيف ينسى كل هذه الاعتبارات الإنسانية وينساق خلف شعارات وأوهام زرعت له حتى تحقق إيران مصالحها؟ ـ ـ ـ ـ هل يُعقل أن يرتكب العراقي كل هذه الجرائم في حق أخيه العراقي فقط لكونه "سنياً"؟! هل ممكن أن تتحول كل هذه السنوات والتاريخ إلى مجرد وهم ويبقى حقيقة أن الطائفية هي سمة عامة للعراقيين؟ واليمنيين والسوريين والبحرينيين؟! ماذا بقي إذا؟ فصدام حسين كان لديه وزراء من جميع أطياف المجتمع، ولم يفضل مذهباً على غيره، وهذا يعكس حقيقة أن الشعوب والحكام بغض النظر عن مواقفهم لم يزرعوا قنابل الفتنة المتفجرة المنتحرة والسارقة للأرواح والأرزاق والمبددة للأمان. وحدها إيران التي عاملت طوائفها بكل عنجهية، وكان مقياس التفاضل لديها هو الأصول الفارسية أكثر من أي اعتبارات أخرى! بدليل أن منذ سنوات خلت وهي تمارس اضطهادا للعرب الأهواز والإيرانيين السُنة، وها هي اليوم تصدر خبثها وتقتلع ثوابت الاستقرار في العراق وسوريا واليمن والبحرين والسعودية، لا تعلم أي دولة ضحية قادمة. وليت الأمر ينحصر في إضرام حرائق الفتنة بل تمكنت من تسويغ التعذيب وكل الجرائم باعتبارها تقرباً لله، وإن القتل طريق الجنة. رغم أن الإسلام حرم قتل الكافر ما دام لم يبدأ بقتال ولم يرفض دفع الجزية. فأي دين لديهم؟ جرعة شق الصفوف وحدها تثير التوترات، فكيف إذا صارت الصفوف تتحارب فيما بينها؟ فكيف يقتل "الحوثي" اليمني جاره أو صديقه أو زميله؟ وكيف ينسى كل هذه الاعتبارات الإنسانية وينساق خلف شعارات وأوهام زرعت له حتى تحقق إيران مصالحها وحدها دون الالتفات لغيرها؟ أين حكماء الشيعة في كل الأوطان المسلوبة والمقتولة؟ أين الأبعاد الإنسانية وعلاقة امتدت مع الوطن في عمق تاريخ قل نظيره؟ فالأمة تتشكل من أطياف عدة وطوائف وكانت متعايشة في سلام واطمئنان، لماذا بدأ الزلزال مع احتلال العراق، وكيف تمكنت إيران من حصد كل هذه الكراهية والبغض.؟! تصدعت مكونات المجتمعات المصابة بالحروب، وصار ترميم مثل هذه العلاقات أكثر من صعب، فالإنقاذ سيكون متأخراً جداً عندما يكتشف الموهومون بالكوابيس وخرافات أنهم خسروا كل شيء ولم يكسبوا إلا كراهية أو رفض عام لوجودهم. فالتبعية العمياء لم تأت بخير أبدا خاصة عندما تكون بتبعية بغيضة زرعت الحروب أينما حلت، ولن يكون حصادها إلا مزيداً من الدمار والجثث المتتالية التي ستجد لها قبراً يأويها بعد فترة ليست بالبعيدة. ما أقبح الطائفية، وما أسوأ أن يصدق الناس أن الحرب هي طريق للجنة، ولم يعلموا أن دم المسلم ليس بخساً، دون أعذار جهل وعدم يقين.