تسبب هطول الأمطار الغزيرة وغير الموسمية على أجزاء واسعة من شمال ووسط الهند في إلحاق أضرار بالغة بالمحاصيل، ما زاد من مشاكل المزارعين في الوقت الذي تحاول فيه الهند تكثيف جهودها للتفوق على الصين في النمو الاقتصادي. وفي أجزاء أخرى من جنوب وغرب الهند، كان للجفاف التأثير نفسه، حيث تسبب نقص المياه في جعل المزارعين غير قادرين على ري أراضيهم. وفي كلتا الحالتين، فإن التأثير كان كارثياً بالنسبة للمزارعين الذين يواجهون العبء الأكبر للنقيضين. والكثيرون منهم الذين حصلوا على قروض ضخمة من البنوك ومصادر أخرى لشراء البذور والأسمدة وأدوات الزراعة، أصبحوا غير قادرين على التعامل مع تلف محاصيلهم. ويُقدم العشرات من الفلاحين في جميع أنحاء الهند على الانتحار لعدم قدرتهم على سداد ديونهم بعد أن قضى سواء الجفاف أو الأمطار غير الموسمية على منتجاتهم. وتعتمد الزراعة في الهند والتي تمثل حوالي 13% من الناتج المحلي الإجمالي، على الرياح الموسمية التي تهب خلال الفترة من يونيو إلى سبتمبر من أجل الزراعة والري. بيد أنه هذا العام، تسبب هطول الأمطار الغزيرة والعواصف الثلجية في شمال الهند، وقبل فترة طويلة من هطول الأمطار الموسمية السنوية، في جلب المشقة لمئات المزارعين في حقول القمح بالهند، ناهيك عن أولئك الذين يزرعون الخردل والخضراوات مثل البصل والفواكه مثل المانجو ..الخ. كما تلفت المحاصيل القائمة وحتى الشتلات في أجزاء عديدة من البلاد، ومن المرجح أن يتأخر الحصاد في أماكن أخرى. وقد كانت أكثر المحاصيل تضرراً في سبع ولايات هي القمح والخردل. ومن المتوقع أن يؤثر هطول مزيد من الأمطار على الاقتصاد وزيادة الضغوط التضخمية على الاقتصاد، جنباً إلى جنب مع الأسعار. وعلى الجانب الآخر، فقد أثر الجفاف على مئات الآلاف من الفلاحين. وحددت الحكومة 1078 قرية باعتبارها الأسوأ تأثراً بالجفاف في ولاية «ماهاراشترا». وبالنسبة لحكومة رئيس الوزراء «ناريندرا مودي»، فإن متاعب المزارعين قد يكون لها تأثير على نتائج انتخابات الولايات مثل ولاية «بيهار» الشمالية، حيث من المزمع إجراء الانتخابات في النصف الثاني من العام. ويسافر وزراء الحكومة إلى المناطق المتضررة ليؤكدوا للفلاحين أنهم سيحصلون على تعويضات. لقد كان هذا العام سيئاً على الأخص بالنسبة للزراعة منذ تولي الحكومة الجديدة السلطة. وفي العام الماضي، كانت الأمطار الموسمية قليلة ما أدى إلى نقص الإنتاج بنسبة 12%. وفي هذا العام، فإن حقول القمح لم تشهد فقط أمطاراً مفاجئة ولكنها أيضاً غزيرة جداً. عندما كان في المعارضة، كان حزب «بهاراتيا جاناتا» الحاكم ناقداً لاذعاً لحكومة حزب «المؤتمر» الحاكم لفشله في تحسين أحوال الكثير من الفلاحين. ومع تأخير تقديم التعويضات للمزارعين، فإن حكومة «مودي» ستهبط إلى المسار نفسه الذي هبطت إليه الحكومة السابقة. إن المزارعين لهم تأثير انتخابي ضخم، ولا يوجد حزب في الهند يملك القدرة على استعدائهم. والآن، يحاول حزب «المؤتمر»، الذي كان أداؤه ضعيفاً، التودد للمزارعين بينما يحاول إحياء مستقبله. ومن الواضح، أن تناول السيد «مودي» لقطاع الزراعة سيكون له تأثير كبير على مستقبله السياسي. وبالنسبة لـ«مودي»، فإن الفوز في انتخابات الولايات يمثل أهمية، لأنه سيزيد من أعضاء مجلس الشيوخ، حيث يمثل حزبه أقلية بينما هو في حاجة إلى أغلبية لتمرير الإصلاحات الاقتصادية دون أي متاعب. وبالفعل يواجه الحزب متاعب في مجلس الشيوخ، وقد أخفق في تمرير مشروع قانون الاستحواذ على الأراضي. ويهدف مشروع القانون هذا إلى تخفيف قواعد حيازة الأرض بالنسبة للشركات الكبيرة. بيد أن أحزاب المعارضة قد توحدت لمنع مشروع القانون في مجلس الشيوخ حتى وإنْ كان حزب «بهاراتيا جاناتا» الحاكم الذي لديه أغلبية في مجلس النواب، قادراً على تمريره هناك. ورغم ذلك، فقد بعث مشروع القانون هذا برسالة سلبية مفادها أن الحكومة مؤيدة للشركات ومناهضة للمزارعين، وهي الرؤية التي يحاول «مودي» تبديدها. ومن ناحية أخرى، فإن التأثير الذي خلفته الأمطار على الزراعة قد ألقى بظلاله على أسعار المواد الغذائية، الأمر الذي قد يسهم في زيادة التضخم. لقد جاءت حكومة «مودي» إلى السلطة على وعد بدفع النمو الاقتصادي، ودفعت بنك الاحتياطي الهندي لخفض أسعار الفائدة من أجل تحفيز النمو. وبالفعل، خفض بنك الاحتياطي أسعار الفائدة مرتين هذا العام، وحث الحكومة على تتبع أسعار المواد الغذائية عن قرب، وهو ما يمثل 45% من التضخم في الهند. رئيس مركز الدراسات الإسلامية- نيودلهي