الأميركيون الذين سيدخلون العام الدراسي 2016 سينضم إليهم عدد قياسي من الطلبة الأجانب الذين يثرون التنوع الثقافي ويغيرون المستقبل، لأن كثيرين منهم يشكلون لاحقاً صفوة القيادة السياسية والاقتصادية في بلدانهم. والتعليم العالي الأميركي لقادة المستقبل الأجانب هؤلاء ليس جيداً لهم فحسب بل جيداً أيضاً لأميركا. ومن الواضح أن المال من الفوائد الآنية لهذا. فقد ذكرت دراسة في الآونة الأخيرة لمعهد «بروكينجز» أن كل عام دراسي يدر أكثر من 30 مليار دولار في صورة رسوم تعليم هؤلاء الطلاب الأجانب وإنفاقهم. وزيادة رسوم التعليم وعدد الطلاب الأجانب يجلب المزيد من المال من الخارج. وبينما يبقى بعض الخريجين في نهاية المطاف في البلاد ويساعدون في نمو الاقتصاد الأميركي، فمعظمهم يعود إلى بلدانهم حاملين معهم مهارات وقيما وشبكات علاقات جديدة. إن الأمر ليبدو كما لو أن أميركا تخسر على المدى القصير، فكل المعرفة والإنتاجية الكامنة تغادر على متن طائرة، لكن أعمالهم وعلاقاتهم الثقافية بأميركا أصبحت ذات نفع دائم ومربح بحسب دراسة «الأبواب المفتوحة» لمعهد التعليم الدولي. وبالإضافة إلى الدولارات التي يدعم بها الطلاب الأجانب الولايات المتحدة، هناك القيمة التي لا تقدر بثمن التي ينقلونها إلى وسطهم السياسي والاجتماعي في بلدانهم والعالم. فهناك كثير من المسؤولين الأجانب الذين يتفهمون الثقافة الأميركية وبعضهم صديق صريح لها. ونشرت وزارة الخارجية الأميركية قائمة بهؤلاء بعنوان «طلاب أجانب بالأمس قادة العالم اليوم». ويتصدر القائمة الرئيس الأفغاني محمد أشرف عبدالغني الذي حصل على درجة الدكتوراه من جامعة كولومبيا وقام بالتدريس في جامعة كاليفورنيا. فالأستاذان الجامعيان والرئيسان باراك أوباما وعبد الغني يتمتعان بعلاقة أفضل مما كان حال العلاقة مع الرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي الذي لم يحصل على تعليم أميركي. فخريجو الجامعات الأميركية من الممكن أن يصبحوا سفراء التغيير في بلدانهم. وأظهرت دراسة أن هؤلاء الطلاب «يلعبون دوراً مهماً» في إدخال «القيم والممارسات الليبرالية عبر حدود الدول السلطوية» ويساهمون في تحرير قيم وعقول شعوبهم حول العالم. وأحد هؤلاء «ليوبولدو لوبيز» مؤسس حزب «إرادة الشعب» الفنزويلي الذي درس في كينيون كوليدج وتخرج من جامعة هارفارد. ويناضل «لوبيز» لتحقيق الشفافية والحرية في بلاده، وينتقد انتهاكات حقوق الإنسان وشعبيته تتفوق على شعبية الرئيس الفنزويلي «نيكولاس مادورو»، الذي زج بلوبيز في السجن العام الماضي لسوء الحظ. وبالنسبة للولايات المتحدة، فإن هؤلاء الخريجين يستطيعون استخدام لغة تفاهم مشتركة إذا اشتركوا في عمل سياسي واقتصادي في المستقبل مع أميركا رغم أنهم قد لا يتفقون في الحلول. وأوضح مثال لهذه المفاوضات الإيرانية الجارية. ففي جانب، هناك بنيامين نتنياهو خريج معهد ماساشوستس للتكنولوجيا ورئيس وزراء إسرائيل الذي شرح للشعب الأميركي مبررات معارضته لإبرام إدارة أوباما اتفاقا مع إيران. وفي الجانب الآخر، يعكف اثنان من خريجي معهد ماساشوستس للتكنولوجيا وهما وزير الطاقة الأميركي ارنست مونيز ورئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية علي أكبر صالحي على صياغة التفاصيل الفنية لاتفاق نهائي من المقرر أن يتم التوصل إليه في 30 يونيو. فمعهد ماساشوستس علم صانعي القرار السياسي والسياسيين من الأطراف المختلفة للقضية. وجرت المفاوضات بالإنجليزية الأميركية برعاية وزير الخارجية الأميركي جون كيري ووزير الخارجية الإيراني جواد ظريف وهو خريج جامعتي سان فرانسيسكو ودينفر. ولولا الأهمية الشديدة للمحادثات لبدت كما لو أن خريجين قدامى يقضون عطلة نهاية الأسبوع في لوزان. وقبل بضعة شهور نشر رضا أصلان المولود في طهران وهو استاذ في جامعة كاليفورنيا صورة على تويتر لزعماء إيرانيين وضع على كل واحد منهم شعار الجامعة التي تخرج منها وكتب في التغريدة «عدد خريجي الجامعات الأميركية الذين يعملون في الحكومة الإيرانية أكبر من أي حكومة أخرى في العالم». وهذا الفريق يتضمن محمود واعظي وزير الاتصالات خريج جامعة كاليفورنيا. ـ ـ ــ ـ ـ ماركوس كونيلاكيس زميل زائر بمؤسسة «هوفر» الأميركية البحثية. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «تريبيون نيوز سيرفيس»