لماذا يعتقد بعض المستثمرين أن اليونان ستصبح رهاناً جيداً بينما البرازيل ما زالت رهاناً ضعيفاً؟ الجواب الجزئي يكمن «اليورو». فاليونان عضو في الاتحاد النقدي الأوروبي وتستند إلى عملة متينة والبرازيل ليست كذلك. وهذا بالنسبة لحملة السندات يمثل فارقاً كبيراً. فقد كسبت سندات الحكومة اليونانية 336 في المئة منذ مايو 2012 بينما كسبت سندات الحكومة البرازيلية 24 في المئة فقط قياساً على العملات المحلية وفق مؤشر شركة «ميريل لينش» لبنك أوف أميركا. وفقد الريال البرازيلي 14 في المئة من قيمته هذا العام أمام الدولار في أسوأ أداء بين 31 عملة هي الأكثر تداولاً. وشكوك المستثمرين جعلت الريال البرازيلي هو أقل عملات العالم التي يمكن التنبؤ بأسعارها. وهناك بيانات اقتصادية أخرى مهمة تخبرنا بنفس الشيء أيضاً. فالإنتاج المحلي الإجمالي لليونان يرتفع وقد زاد بنسبة 0,75 في المئة عام 2014 ويتوقع أن يرتفع 1,5 في المئة و2,4 في المئة هذا العام والعام الذي يليه بحسب آراء اقتصاديين استطلعت «بلومبيرج» آراءهم. وفي البرازيل انخفض الإنتاج المحلي الإجمالي أو لم ينمُ تقريباً العام الماضي، وسينخفض على الأرجح عام 2015 قبل أن يتعافى وينمو بنسبة 1,3 في المئة عام 2016. والتضخم في أسعار المستهلكين اختفى في اليونان. وانخفضت الأسعار 1,38 في المئة عام 2014 ويتوقع أن تتأرجح بين انخفاض القيمة والتضخم الطفيف على مدار العامين المقبلين. وفي المقابل، ما زالت البرازيل لا تستطيع الفوز بمعركة كبح التضخم الذي قفز إلى 7,5 في المئة صعوداً من 6,33 في المئة هذا العام بحسب بيانات لـ«بلومبيرج». والبلدان فيهما معدلات فائدة مرتفعة ولكن السوق يتوقع انخفاضاً في أسعار الفائدة في اليونان. وهذا ما تجلى في توقعات اقتصادية بانخفاض العائدات بمجرد العثور على مخرج من العجز اليوناني عن السداد. والعجز عن السداد من شأنه أن يجبر اليونان على ترك «اليورو» ولكن الأسواق المالية لا تتوقع هذا لأن النتيجة ستكون إفقار اليونانيين بسبب عمليات إفلاس متتالية. واقتصاد اليونان يخرج من كساد حاد ولكنه يبشر بتحسن الأصول اليونانية على عكس الاقتصاد البرازيلي. ولذا، فبينما تتفاقم أحوال الاقتصاد البرازيلي ستتعافى اليونان عندما تهدأ مخاطر العجز عن السداد. وقصة اقتصاد البلدين تبين كيف كسبت اليونان من الاتحاد الأوروبي بينما تعاني البرازيل التي تقف بمفردها. واليونان تدفع سعر الفائدة الأدنى في البنك المركزي الأوروبي وهو 0,05 في المئة بينما سعر الفائدة على الودائع بالريال في بنك البرازيل المركزي يبلغ 13,20 في المئة. وفي سوق الديون طويلة الأمد في اليونان، يبلغ العائد الحالي للسندات القياسية التي مدتها عشر سنوات 11,83 في المئة، فيما هي أقل من نسبة 12,87 في المئة على الديون بالريال البرازيلي. وحتى في ظل القلق الشديد على مستقبل عضوية اليونان في منطقة «اليورو»، فإن سحب الودائع من البنوك في اليونان الآن أضعف مما كان عليه بكثير في عام 2012. وعندما جاء حزب «سيريزا» إلى السلطة في يناير الماضي واعداً بعدم الاعتراف بنحو 320 مليار «يورو» من الديون، انخفضت الودائع 13,3 في المئة في شهر مقارنة مع الفترة نفسها في العام الماضي. وأسهم شركات اليونان تبلى بلاء حسناً بينما أسهم الشركات البرازيلية ليست كذلك. فأكثر من ثلثي الأسهم في مؤشر البورصة البرازيلية يتم التداول فيها بأقل من نظيراتها الدولية بناء على تقييم مستقبلي لسعر السهم. وفي المقابل، فإن أكثر من نصف الشركات في المؤشر العام لبورصة أثينا ما زال يتم تقييمه بأكثر من منافسيه على امتداد العالم. وبينما استفادت اليونان من الاستقرار الذي تكفله عضويتها في الاتحاد الأوروبي فليس لدى البرازيل مثل هذه المؤسسة الاقتصادية. وهي تنزلق في كساد ينضج في أتون جفاف وتضخم وعجز عن السداد وعدم استقرار سياسي. وفي ظل واحد من أعلى معدلات الفائدة في العالم وعملة تتعرض للضعف في خضم كساد، سيبعد المستثمرين عن دخول السوق البرازيلية أمام ما يواجههم من معدلات فائدة تواصل الارتفاع وعملة تنخفض قيمتها. ماثيو وينكلر رئيس التحرير الفخري لبلومبيرج نيوز ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»