تتعرض مجموعة 5+1 لانتقادات قاسية بسبب قبولها مبدأ التفاوض مع إيران على برنامجها النووي، ويرى بعض النقّاد أن هناك الكثير من البنود التي تستحق الشرح في الصفقة المعلنة في الأول من أبريل الجاري. وسيكون من الصعب التوصل إلى الاتفاقية النهائية التي ينتظر توقيعها يوم 30 يونيو المقبل على الرغم من أن ذلك ليس مستحيلاً، ويعني ذلك أن الجدل الحاد الذي سيدور في الولايات المتحدة حول الموضوع سوف يتميز بدقة وتركيز أكبر، وسيصب ذلك في مصلحة الإدارة الأميركية التي ستتمكن من تخصيص أصول ضخمة للتأكد من تنفيذ بنودها. ويمكن تعيين خبراء من ذوي التأهيل العالي لهدف شرح وتوضيح التفاصيل التقنية للاتفاقية ودفع المعارضين للصفقة إلى تقديم اقتراحات واقعية في الكونجرس بدلاً من التشدّق بكلام لا طائل من ورائه، وتبنّي مواقف سلبية منها. وربما يتم الإعلان على توقيع الاتفاقية النهائية في 30 يونيو، على الرغم من أن العديد من بنودها تحتاج إلى التفاهم بشأنها قبل أن يعلن معارضوها في الكونجرس عن اتخاذ موقف الرفض القاطع لها. أما لو كان الفشل في التوصل لاتفاقية نهائية يعود لتعنّت أحد الأطراف وتصلّبه حيال قضايا معينة، فسوف يكون من الصعب متابعة المحادثات، وسوف يواجه الجميع بدائل غير محبذة. ويمكن لانحراف الاتفاقية عن مسارها أن يحدث بسبب الفشل في التوصل إلى تفاهم بشأنها في الموعد المحدد 30 يونيو أو بعده مباشرة لو أن أحد الأطراف خالف بنودها، ومن المحتمل جداً أن تثير إيران العديد من القضايا ذات الصلة بتقنيات التحقق، لأنها تسبب الكثير من التوتر والقلق بالنسبة لمنتهجي الخط المتشدد في طهران. أو لو رفض الكونجرس الموافقة على بعض بنودها التي تدعو إلى تحديد أطر زمنية لإنهاء العقوبات التي تفرضها كل من الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وفي حالة انحراف المفاوضات عن مسارها أو تقوّضها، فسوف يتعين على أولئك الذين يفضلون سلوك الطرق الدبلوماسية أن يواصلوا التركيز على الأخطار الحقيقية التي ستترتب إما على وقف الجهود الرامية للتوصل إلى حلول، أو تصعيد الضغط في محاولة لإضعاف رد الفعل الإيراني. وفي مثل هذه الحالة، سيكون من المحتمل فرض عقوبات أكثر قسوة على إيران لو كانت هي السبب وراء الفشل، وقد يساعد ذلك على اقتناع بعض الأطراف بزيادة الضغوط من أجل دفع إسرائيل لاستخدام القوة ضد المواقع النووية الإيرانية. وإذا تم التوقيع على الصفقة هذا العام، فإن الشق النووي من الخلاف القائم بين إيران والولايات المتحدة يكون قد انتهى على الرغم من أن الأسباب الأخرى للخلاف بين الطرفين ستبقى، ومن أهمها التدخل الإيراني المتواصل في المنطقة ودعم حزب الله، والنظام السوري، وحركة حماس والتدخل الشيعي السافر في اليمن. ويمكن الافتراض بأن تخفيض إسرائيل من لهجتها الحادة المناوئة للصفقة النووية، سيدفع الولايات المتحدة لأن تكون أكثر ميلاً لدعمها في الأمم المتحدة، أو في مواجهة التحديات التي تبديها التنظيمات المدعومة من إيران على حدودها. وسيؤدي ذلك إلى فتح الأبواب أمام صراعات دبلوماسية جديدة يمكنها أن تدفع كلاً من إسرائيل والعرب السنّة إلى الشعور بالثقة في مواقف الولايات المتحدة وحرصها على تحقيق أمنهم واستقرارهم، خاصة لو أنهم امتنعوا عن اتخاذ موقف من جانب واحد يمكنه أن يؤدي إلى إشعال صراع مباشر مع إيران ويدفعها إلى التحلل من الاتفاقية النووية. وسوف يتجلى أسوأ المواقف في أن يتم توجيه اللوم على فشل المفاوضات النووية بشكل مباشر إما إلى إسرائيل أو الولايات المتحدة. وفي مثل هذه الظروف، ستكون التوقعات بفرض عقوبات دولية أقسى على إيران ضعيفة جداً، وذلك لأن للصين بشكل خاص مصلحة قوية في الإبقاء على علاقات تجارية عادية مع إيران. وتشاركها هذا الموقف دول أخرى تتوزع في آسيا وأوروبا، بالإضافة إلى روسيا، وهذا يعني بأن العقوبات الأميركية وحدها هي التي ستبقى وستكون فعاليتها ضعيفة جداً. ولو أن إيران تحررت من العقوبات الدولية بعد فشل المفاوضات، فلن يتطلب الأمر إلا بعض الوقت حتى تنفذ برنامجها النووي بحذافيره ومن دون المعاناة من مشكلة تدخل مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ولا شك أن أسوأ سيناريو ممكن أن يحدث هو أن تستخدم إسرائيل أو الولايات المتحدة القوة ضد إيران لأن الحرب معها من دون دعم دولي كافٍ لن تؤدي إلا إلى عزلها سياسياً على المستوى العالمي.