في مقالي هنا بـ «الاتحاد» يوم الجمعة الماضي 3 أبريل حددت ثلاثية المخاطر التي تهدد الأمن القومي العربي بقولي، إن أضلاع ثلاثية المخاطر، هي: أولاً، أطماع التوسع الإسرائيلية، وثانياً، أطماع التوسع الإيرانية، وثالثاً، مخطط تفتيت الدولة الوطنية. قبل ذلك وفي الثلاثاء 31 مارس قلت في مقالي بمصر بصحيفة «المصري اليوم» بالحرف، إن على المواطن العربي أن يدرك أنه محاصر بين فكي كماشة توسع الأول هو الفك الإسرائيلي، والثاني هو الفك الإيراني، وواجبنا هو أن نعزز قوة أمتنا العربية اقتصادياً وحضارياً وتكنولوجياً وعسكرياً واجتماعياً لخوض الحرب الطويلة مع فكي هذه الكماشة. لهذا أسعدني أن يطرق الدكتور خالد الدخيل قضية مفتعلة يحاول أنصار التوسع الإيراني أن يضعوها في رؤوس شبابنا، والتي حسمها في يوم الأحد 5 أبريل في مقاله في أربع كلمات بالعنوان، هي (إيران إسلامية لكنها عدو). هذه الصياغة المحكمة تغلق الباب نهائياً أمام السؤال الذي يروج له أنصار إيران في بعض الصحف اللبنانية، والذي أورده الدخيل على النحو التالي «هل إيران هي العدو أم إسرائيل» لقد لاحظت أن هناك انشغالاً بين قطاع من الشباب المصري على صفحات «فيسبوك» بهذا السؤال وهو ما يعني ضرورة العناية من أكبر عدد من المفكرين والكتاب العرب بالرد عليه ردوداً منطقية مقنعة. إن ترك شبابنا نهباً للطرح المغلوط يمثل خطراً لا يقل فداحة عن تركهم فريسة لأفكار التطرف باسم الدين. إن فحوى الطرح المغلوط يرمي إلى وضع الشاب العربي بين خيارين الأول، أن يعتبر إسرائيل العدو، وبالتالي يصفح عن تعديات إيران ومشروعها الطائفي وأنشطتها التوسعية على أساس أنها دولة إسلامية تشاركنا عداءنا لإسرائيل، أما الخيار الثاني، فهو اعتبار إيران العدو لممارساتها المذكورة، وبالتالي أن يصفح شبابنا عن إسرائيل وعدوانها التاريخي المستمر والمتجدد على وطننا العربي ومقدساتنا الدينية على أساس أنها دولة تشاركنا المخاوف من البرنامج النووي الإيراني. إن الكشف المستمر لشبابنا عن سجل تعديات فك الكماشة التوسعية الإسرائيلي يجب أن يتوافق في سياق واحد عن الكشف عن سجل تعديات الفك الثاني من الكماشة التوسعية وهو الفك الإيراني. إن الطرح مغلوط لأنك عندما تخيرني لقبول أحد فكي الكماشة فكأنك تخيرني لقبول، إما أن يلتهمني ذئب، أو يأكلني ضبع وكلاهما خيار مرفوض. إن شوقي الفكري شديد لضرورة اهتمام المؤسسات الإعلامية العربية بهذه القضية وإخضاعها لحوار متعمق، سواء لأسسها النظرية أو لأبعادها العملية والسياسية، ذلك أننا نتعرض في نفس الوقت لمحاولات إسرائيلية واضحة تطبق من خلال كتائب الحرب الإعلامية على شبكة الإنترنت لتقديم إسرائيل للشباب العربي كحليف في مواجهة المخاطر الإيرانية. هذه قضية ألقيها على عاتق إحدى مؤسستين، إما منتدى الاتحاد، وإما مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية. والمفكر المتعمق الدكتور جمال سند السويدي قادر على إعطاء الاهتمام اللازم بقضية الخيار المرفوض بين فكي كماشة التوسع بعد أن أنتج لنا كتاباً يعتبر من أمهات الكتب حول الوهم الذي تسوقه الجماعات الدينية السياسية لشعوبنا في الوقت الذي تستغل فيه الدين لتمرير أطماع سياسية أو شخصية، وتهشيم الدولة الوطنية.