لا شك أن استراتيجية أوباما قد أجدت نفعاً في منع إيران من إنتاج أسلحة نووية. فقد اتبع الرئيس نظاماً فاعلاً للعقوبات الدولية أصاب اقتصاد إيران بالشلل ودفعها للجلوس إلى طاولة المفاوضات، متجاهلاً دعوات في السنوات الخمس الماضية بمحاولة تدمير البنية التحتية النووية الإيرانية بضربات جوية. وبعد عامين من المحادثات الشاقة حالفه النجاح. واتفاق إطار العمل الذي تم التوصل إليه يوم الخميس الماضي يمنع إيران من استخدام ما لديها من تكنولوجيا نووية في إنتاج أسلحة ذرية على مدى عشر سنوات على الأقل، ومن شبه المؤكد أن يمنعها إلى الأبد. وإجراءات المراقبة والتفتيش الواردة في الاتفاق تشترط إصدار إنذار قبل عام على الأقل إذا قرر نظام حاكم في إيران فيما بعد إلغاء الاتفاق وسعى إلى إنتاج قنبلة نووية. وهذا سيوفر للولايات المتحدة وحلفائها الوقت لاتخاذ إجراءات عسكرية وقائية إذا رأت ذلك. والاتفاق يلبي كل أهداف أميركا. إنه يفرض قيوداً مشددة على عدد ونوعية أجهزة الطرد المركزي التي تستخدمها إيران لتخصيب اليورانيوم، ويتخلص من معظم مخزون طهران من اليورانيوم المخصب الذي يمثل المادة الأساسية لصناعة الأسلحة النووية. والمهم في الاتفاق أيضاً أنه يتحكم في قدرة إيران على إنتاج أجهزة طرد مركزي أكثر تطوراً، وهي الخطوة التي كان من الممكن أن تسمح بإلغاء الاتفاق في وقت أسرع مما تمكنها به أجهزة الطرد المركزي العتيقة الحالية المسموح لها بامتلاكها. والاتفاق يمنع مفاعل «آراك» من إنتاج كميات كبيرة من البلوتونيوم، الوقود البديل للأسلحة النووية، ويمنع بناء مفاعلات جديدة على غرار مفاعل «آراك» أو منشآت لفصل البلوتونيوم إلى الأبد. ويطبق الاتفاق عمليات تفتيش ومراقبة غير مسبوقة بعضها سيظل مطبقاً لمدة 25 عاماً. والعقوبات المتعلقة بالبرنامج النووي التي أجبرت إيران على اللجوء لطاولة المفاوضات لن ترفع إلا تدريجياً مع وفاء طهران بتعهداتها المتعلقة ببنيتها التحتية النووية. والعقوبات المتعلقة بدعم إيران للإرهاب ستظل مفروضة إلى أجل غير مسمى. وقد أخطأ بعض أعضاء الكونجرس الأميركي والمعلقين حين اعتقدوا أن القضاء على القدرات النووية الإيرانية بالقوة العسكرية سيكون سهلًا، كما حدث في تدمير مفاعل صدام حسين عام 1981، الذي تم بمهمة واحدة وبعدد قليل من الطائرات. فإيران لديها بنية نووية كبيرة منتشرة في أنحاء البلاد، وتدميرها يحتاج عدداً كبيراً من الطائرات والضربات الصاروخية. وعلاوة على هذا، ستحتاج القوات المسلحة الأميركية دون شك إلى تدمير الدفاع الجوي والطيران الإيراني قبل الهجوم كي تقلص الخسائر الأميركية المحتملة. وستحتاج أيضاً إلى تدمير البحرية والمنشآت البحرية الإيرانية في الخليج العربي حتى لا تستطيع طهران تهديد السفن الحربية الأميركية أو ناقلات الوقود في الممر المائي. وباختصار، فإن تدمير قدرات إيران النووية عسكرياً يستلزم حملة جوية كبيرة على مدى أسابيع. إن شن هجوم أميركي سيفكك بالتأكيد الائتلاف الذي نفذ العقوبات. فالصين، وروسيا لن تنتظرا لحظة لتضاعفا تجارتهما واستثماراتهما مع إيران. وهو ما سيفعله أيضاً كثير من الشركات الأوروبية. وإيران نفسها ستتحد كما لم يحدث من قبل، وسيجعل هذا الحكومة تنسحب من اتفاق منع الانتشار النووي، وتطرد المفتشين. وحينها ستسابق إيران الزمن لإنتاج أسلحة نووية، وقد تحتاج عامين أو ثلاثة أو ربما خمسة لإنتاجها، ولكنها قد تحصل على مساعدات كبيرة من روسيا والصين، وآخرين. إن إدارة أوباما تستحق الإشادة على هذه المفاوضات الناجحة، بعد أن تجنبت أزمة وحرباً أخرى في الشرق الأوسط. إنه انتصار دبلوماسي يجب على الكونجرس الانتباه لمزاياه. ---------- باري بليتشمان، محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «تريبيون نيوز سيرفيس»