تعتبر عاصفة الحزم التي تشن من خلالها مجموعة من الدول العربية بقيادة المملكة العربية السعودية مسنودة بدول مجلس التعاون الخليجي، حملة عسكرية جوية بهدف القضاء على التمرد "الحوثي" ضد السلطة الشرعية في اليمن ضرورة قصوى، فالأهداف الأساسية لهذه الحملة أبعد من مجرد القضاء على التمرد "الحوثي" وحده، أهمها توجيه رسالة مباشرة وصريحة إلى إيران بعدم المساس بأمن دول العالم العربي بشكل عام ودول مجلس التعاون بشكل خاص، وعدم التدخل في شؤونها بأي شكل، فهذه المسائل خطوط حمراء جداً يجب على إيران عدم الاقتراب منها، وإلا فإن ردود الأفعال ستكون حازمة جداً بصورة ربما أن من يجلسون على كراسي السلطة في إيران لا يتخيلون بأنها قد تحدث. لكن ما يجري الآن هو الحقيقة الواضحة التي تتطلبها أوضاع المنطقة وأن يفهمها الجميع، خاصة إيران بأطماعها ونواياها التوسعية الحاصلة. ويضاف إلى ذلك أن دخول دول لمجلس في عمليات "عاصفة الحزم" يعزز اعتقادها بأن تدخلها المباشر عسكرياً في اليمن بعد أن استهان "الحوثيون" ومن يدعمهم من الخارج لجميع المبادرات والمساعي التي بذلت لجلبهم إلى طاولة المحادثات الجادة التي توصل جميع الأطراف وبشكل متساوٍ إلى نتائج مرضية تحقن دماء اليمنيين كافة وتنقذ اليمن من المجازر والمهازل التي أدخله التمرد "الحوثي" فيها، لكن تعنت "الحوثيين" وتماديهم في استخدام القوة المفرطة ورغبتهم في الاستيلاء على مقدرات وأراضي اليمن بالقوة أوصل المسائل إلى المسالك المسدودة التي يعاني منها اليمن واليمنيون الأمرين هذه الأيام. وجانب آخر مهم بالنسبة لدول المجلس هو أن تدخلها القوي عسكرياً في اليمن يقوي من وضعها كطرف إقليمي لا يستهان به أبداً في شؤون المنطقة، فإيران تنظر إلى جيرانها الخليجيين نظرة لا تبدو بأنها نظرة الند للند، أو دول ذات حقوق وسيادة لها وزنها الثقيل في عالم اليوم، وبأن هؤلاء الجيران رغم ما يبدونه على مدى السنوات الطويلة الماضية من رغبة صادقة في الحفاظ على الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة، ليسوا بلقمة سائغة لكل من هب ودب، بل هم أطراف فاعلة ومؤثرة في شؤون عالم اليوم، ويحسنون جيداً اللعبة السياسية والعسكرية والأمنية بعيداً عن المناورات العبثية والتزاكي السمج، دع عنك جانباً تمكنهم من اللعبة الاقتصادية الكبرى التي جعلت منهم رواداً في هذا المجال في الوقت الذي يتخبط فيه الآخرون في غياهب الظلام الاقتصادي التي أوصلت شعوبهم قريباً جداً من خطوط الفقر المدقع والجوع الذي يهدد بالانفجار. لذلك فإن دول المجلس مسنودة بأشقائها العرب، والأطراف الدولية العظمى والكبرى والمجتمع الدولي كافة خططت جيداً للعمليات الحربية الجارية حالياً في اليمن، وتقوم قواتها الجوية بتنفيذها ميدانياً بكفاءة واقتدار يبشر بالخير لتحقيق النصر المؤزر، ويكسب قواتها المسلحة خبرات ميدانية واسعة تحتاجها في المستقبل لحفظ أمنها واستقرارها وكرامتها وسلامة شعوبها واستقلالها الوطني، إن بيت القصيد في هذه المسألة الحساسة سياسياً وعسكرياً وأمنياً هو أن دول المجلس تساند الحكومة الشرعية في اليمن، نظراً لكونه بلداً عربياً شقيقاً يمر الآن بمحن سياسية وأمنية واقتصادية، ويحتاج إلى دعم أشقائه الخليجيين والعرب. دول المجلس لها مصالح حقيقية في استقرار اليمن واستتباب الأمن فيه لأن "الحوثيين" مدعومون بإيران ويشكلون خطراً حقيقياً على أمنها، فدول المجلس دول محبة للسلام، لكن السلام له ثمن ومتطلبات، لذلك فهي تنفذ العملية الحالية دعماً لعودة الأمن والاستقرار إلى اليمن، لذلك فإن موقفها الرسمي كدول هو دعم الحكومة الشرعية ومساندتها عبر عملية "عاصفة الحزم"، التي تشكل متطلباً أمنياً ملماً وضرورياً.