نشرت صحيفة «ذي اندبندنت» مؤخراً قصة مثيرة حول الخطط الفنلندية للتخلي عن تدريس بعض المواد في المدارس العامة، فلا دراسة بعد اليوم للرياضيات والتاريخ والجغرافيا كدروس منفصلة. وبدلا من ذلك، سيقوم الطلاب بدراسة موضوعات يريدونها واختيار اللغة والمهارات الحسابية والمعارف الجغرافية والتاريخية أثناء دراستهم. ورغم أن هذا ليس ما يحدث بالضبط في فنلندا، فإن المقال حظي باهتمام عند نشره على مواقع التواصل الاجتماعي. وهذا الإصلاح يدعو المدارس إلى إدخال نظام التعليم متعدد التخصصات. ولا تحاول الطريقة الفنلندية إحداث ثورة في نظام التعليم، بل مجرد محاولات للإصلاح أو بالأحرى الترقيع. ففي عام 2003، سجل الطلاب الفنلنديون المركز الثاني بين65 دولة شملها البرنامج الدولي لتقييم الطلبة (بيسا)، لكنهم تراجعوا للمركز الـ12 في عام 2012. لذا خلص «المجلس الوطني للتعليم» الفنلندي إلى إحداث تقارب بين المناهج والظواهر التي قد يواجهها الطلاب في الحياة الواقعية، وهي فكرة قديمة لـ«جون ديوي»، أحد أشهر أعلام التربية الحديثة في العالم. وكما أشار «ديوي»، عندما نعيد النظر فيما درسناه في المدرسة، غالباً ما تصيبنا الدهشة حول كم المواد الدراسية التي نسيناها. وفي استونيا، المجاورة لفنلندا، حيث نتائج «بيسا» آخذة في الارتفاع، يتم تعليم التلاميذ كيفية تصميم صفحات الإنترنت وتطبيقاته ليختاروا المعرفة التي يريدونها. وقد اشتكت لي مؤخراً أستاذة في الاقتصاد من أن طلاب الدكتوراه في فصولها المتقدمة، ليس لديهم خلفية ثقافية مشتركة، لذا كان من الصعب تقديم أمثلة يفهمها الجميع. ورغم ذلك، فقد كانوا على درجة عالية من الكفاءة في مجالات الاقتصاد التي اختاروا دراستها. ربما يتمثل الجانب الأفضل من نظام فنلندا في حرية مدارسها في تشكيل المناهج الخاصة بها، ضمن إطار وطني فضفاض، وحرية الطلاب في تحديد المواد التي يرغبون في دراستها. ----------- ليونيد بيرشيدسكي، كاتب أميركي ---------- ينشر بترتيب خاص مع خدمة واشنطن «بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»