تتفاقم ظاهرة الجوع في العالم بسبب التدهور البيئي وتزايد الكوارث الطبيعية، بالإضافة إلى تنامي الصراعات حول العالم، وبحسب منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة «الفاو»، يعاني أكثر من 800 مليون شخص في العالم حالياً، نقصاً في التغذية. وعلى الصعيد العربي تكشف البيانات عن مظاهر نقص الغذاء، إذ قدرت «قمة الأمن الغذائي العالمي 2015»، التي استضافتها دولة الإمارات العربية المتحدة مؤخراً، حجم الفجوة الغذائية العربية بنحو 128,45 مليار درهم (35 مليار دولار)، وترجح التوقعات أن تتنامى هذه الفجوة بحدود 10% سنوياً، وهو ما يشكل أبرز التحديات التي تواجهها الدول العربية خلال الفترة المقبلة. ومما لا شك فيه أن دولة الإمارات العربية المتحدة، ليست بمعزل عن هذه الظاهرة، فوفقاً لبيانات «المركز الوطني للإحصاء»، تقدر الفجوة الغذائية الإماراتية بنحو 30 مليار درهم في عام 2013. وهذه الفجوة الغذائية في الإمارات لها أسبابها المنطقية، ولاسيما في جوانبها المتعلقة بضعف إمكانات القطاع الزراعي الوطني بالنظر إلى الظروف المناخية والطبيعية للدولة، التي تنخفض فيها نسبة الأمطار وتنعدم فيها مصادر المياه السطحية، بالإضافة إلى النمو المتسارع في عدد السكان نتيجة النهضة العمرانية والازدهار الاقتصادي الذي تمر به البلاد، إذ تتوقع مؤسسة «بيزنس مونيتور» أن يزداد استهلاك الغذاء في الإمارات بنحو 32% في عام 2018 مقارنة بمستواه الحالي. لكن هناك عوامل أخرى تسهم في زيادة الفجوة الغذائية في الإمارات، ترتبط بممارسات استهلاكية يومية غير منضبطة يقوم بها الأفراد، كما تسهم في استنزاف الموارد الغذائية للدولة. وتضاف إلى ذلك ممارسات أخرى يقوم بها العاملون أنفسهم في قطاع الزراعة والإنتاج الغذائي، ويمكن في هذا الصدد، الإشارة إلى قيام العاملين في قطاع صيد الأسماك بما يسمى الصيد الجائر، وقد تسبب هذا النوع من الممارسات في استنزاف نحو 80% من الثروة السمكية للدولة خلال السنوات الماضية، وفي حال استمراره على حاله، يتوقع أن يؤدي إلى استنزاف باقي المخزون السمكي للدولة خلال 10 سنوات من الآن. وهذا الوضع دفع الإمارات إلى بلورة استراتيجية وطنية لضمان الأمن الغذائي الوطني، كما قامت الشراكة الدولية بمواجهة أزمات الجوع ونقص الغذاء العالمية. وضمن هذا التوجه وقعت «الأمانة العامة لجائزة خليفة الدولية لنخيل التمر»، ومنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة «الفاو»، في وقت سابق، عدداً من مذكرات التفاهم لتطوير القطاع الزراعي، وبخاصة نخيل التمر. وهذه المذكرة ليست الأولى من نوعها، بل سبق أن وقعت الإمارات ممثلة في «الاتحاد النسائي العام» مذكرات تفاهم أيضاً مع منظمة «الفاو»، تستهدف: أولاً، إشراك أفراد المجتمع في حلول الأمن الغذائي، ثانياً، تمكين المرأة الإماراتية من إقامة مشروعات خاصة في الصناعات الغذائية والزراعية، ثالثاً، زيادة الوعي المجتمعي بقضايا الأمن الغذائي. وفي الإطار ذاته، تشجع دولة الإمارات العربية المتحدة المستثمرين على تنفيذ مشروعات جديدة في القطاع الزراعي وتقدم لهم كل أشكال الدعم اللازم، بما في ذلك الدعم المادي أو العيني أو التقني أو حتى تنظيم المعارض المحلية والدولية لمساعدتهم على تسويق منتجاتهم. وإضافة إلى ذلك فقد اتجهت الدولة خلال السنوات الماضية إلى بناء مخزون غذائي استراتيجي، لضمان استقرار إمدادات الغذاء للأسواق المحلية، وتجنب حدوث أزمات فيها، ولاسيما في حالات عدم استقرار الأسعار العالمية للسلع الغذائية الرئيسية، بسبب الكوارث الطبيعية أو انتشار الأوبئة الزراعية أو تضرر الثروات الحيوانية حول العالم، أو حتى في حال الممارسات الاحتكارية من قبل منتجي الغذاء في العالم.