تؤمن دولة الإمارات العربية المتحدة بأن أي مواجهة فاعلة للتطرف تتطلب وضع إطار شامل يتعامل مع الفكر الذي يغذيه، ومعالجة الأخطار التي يمثلها، من منطلق إدراكها أن قضية التطرف والإرهاب ليست قضية أمنية فقط وإنما لها الكثير من الجوانب الأخرى: الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، التي لابد من الاهتمام بها. وفي هذا السياق فإن المقترح الذي قدمته الشعبة البرلمانية الإماراتية خلال مشاركتها، أول من أمس، في اجتماع منتدى الشباب البرلمانيين الذي عُقد على هامش اجتماعات الاتحاد البرلماني الدولي في العاصمة الفيتنامية هانوي حول «الميثاق البرلماني العالمي لتمكين الشباب وصيانة حقوقهم وحمايتهم من التطرف»، ينطوي على أهمية بالغة، ليس فقط لأنه يستهدف فئة الشباب التي تمثل الشريحة الكبرى من التركيبة السكانية في الكثير من دول العالم، وإنما أيضاً لأن هذا المقترح سلّط الضوء على واحد من العوامل التي تقف وراء تجنيد الشباب من قبل الجماعات المتطرفة، وهي مشكلة البطالة التي تنتشر في صفوف الشباب في الكثير من دول العالم، ما يجعلهم هدفاً سهلا للوقوع فريسة لهذه الجماعات، وما تغرسه فيهم من أفكار سيئة تتحول إلى أفكار متطرفة وعنصرية وهدامة تمثل تهديداً للأمن والاستقرار في العالم أجمع. ولهذا فإن هذا المقترح يؤكد أهمية أن يتم وضع ميثاق برلماني عالمي لتمكين الشباب سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وتعليمياً وأن تكون هناك رؤية برلمانية دولية في الاتحاد البرلماني الدولي بشأن تطوير حقوق وواجبات وحريات الشباب من خلال البرامج الوطنية والخطط الاستراتيجية لتقويتهم وإدماج قضايا الشباب في مجمل سياسات التنمية وبرامجها. ولعل التحدي الرئيسي الذي يواجه العالم في الآونة الأخيرة، هو تصاعد خطر التطرف، الذي لم يعد مقتصراً على منطقة أو ديانة بعينها، بل إن الجماعات المتطرفة أصبحت تستهدف النشء والشباب في جميع دول العالم، وتستغل حماستهم واندفاعهم في زرع بذور التطرف لديهم. ولعل الإفادة التي قدمها خبراء بالأمم المتحدة لمجلس الأمن مؤخراً، وقالوا فيها إن أكثر من 25 ألف مقاتل أجنبي من نحو 100 دولة لهم صلات بـ«القاعدة» وتنظيم «داعش» إنما تشير بوضوح إلى تنامي خطر التطرف في الكثير من دول العالم، وهذا لاشك في أنه يضاعف أهمية مقترح «الميثاق البرلماني العالمي لتمكين الشباب وصيانة حقوقهم وحمايتهم من التطرف»، كونه يستهدف حماية الشباب من التطرف وفق مبادئ عالمية تتفق عليها برلمانات العالم. هذا المقترح الذي قدمته الشعبة البرلمانية الإماراتية لا ينفصل عن الجهود الرائدة التي تقوم بها الدولة في التصدي للفكر المتطرف وحماية الشباب من الوقوع في براثن هذا الفكر الهدام، ليس داخل الدولة فقط، وإنما في الخارج أيضاً من خلال مبادرات بنّاءة تعزز قيم الوسطية والاعتدال والتعايش والتسامح، حيث قامت الإمارات في ديسمبر 2012 بافتتاح المركز الدولي للتميز لمكافحة التطرف العنيف «هداية»، وهو المركز الذي يهدف إلى إيجاد أرضية مشتركة للحوار وتبادل الرأي وتنسيق الجهود مع الدول المؤسسة للمنتدى الساعية إلى مواجهة التطرف العنيف في إطار من التعاون والتنسيق مع المؤسسات المحلية والمنظمات الإقليمية والدولية ذات الاختصاص المشابه وتقديم رؤى علمية موضوعية هادفة، لمكافحة التطرف العنيف، كما أطلقت مبادرة «مجلس حكماء المسلمين» في يوليو 2014، الذي يسعى ضمن أهدافه إلى مساعدة الشباب المسلم وغير المسلم على تنظيم الملتقيات والمنتديات بغرض تبادل الخبرات في إطار تعزيز ثقافة السلام من خلال تنظيم ورش التدريب والتأهيل لإعداد العلماء الشباب للنهوض بثقافة السلم والتسامح والحوار، وتحصين الشباب من الفكر المتطرف. عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية