بدأت عملية «عاصفة الحزم» الهادفة لإعادة الشرعية في اليمن المخطوف فجر يوم الخميس 26/3/2015، حيث قادت المملكة العربية السعودية تحالفاً من عشر دول، بإغارة 185 طائرة، بينما تعهدت الولايات المتحدة بتقديم الدعم اللوجستي والاستخباراتي للعمليات العسكرية. ونتج عن العمليات الأولى تدمير القصر الرئاسي ومقر المكتب السياسي للحوثيين وعدة مطارات، إضافة لعدة قواعد عسكرية، منها قاعدة «العند» الجوية، ومواقع للحوثيين في لحج والضالع. وتعد هذه العاصفة الأولى من نوعها بعد «عاصفة الصحراء» التي استهدفت إخراج القوات العراقية من الكويت عام 1991، حيث توافقت عدة دول عربية على الحسم العسكري، بعد انقلاب الحوثيين على الشرعية متمثلة في الرئيس هادي منصور. واعتبر مغردون بالملايين أن هذه العملية شكلت «وحدة» عربية في مواجهة التمدد الإيراني، وقال بعضهم: على العرب ألا يعتمدوا على أميركا في كل شيء، وحثوا تركيا على أخذ مبادرة مماثلة حيال سوريا. لقد تأخرت «عاصفة الحزم» قليلاً لأن الدول الخليجية أرادت إعطاء المجال للحوثيين لدراسة الحلول المقترحة، لكنهم رفضوا كل الحلول وانقلبوا على الشرعية وأشعلوا الفوضى في اليمن، كما استولوا على المقار الحكومية واعتقلوا الوزراء والمسؤولين دون وجه حق. ولا يجوز تحت أية دعاوى أن تستأثر فئة محدودة بمقدرات البلاد، خصوصاً وأن لدى هذه الفئة أجندة خارجية تعادي الأمة العربية، وتسعى لزعزة الأمن والاستقرار في المنطقة، بسبب ولائهم لإيران التي ما انفكت تهدد وترسل العتاد الحربي والدعم الاستخباراتي والتدريب للحوثيين! لم يكن الانقلاب الحوثي نزعة إصلاحية بل هجوم بريري يرفض الاستماع لـ«الكلمة السواء» التي أرسلتها دول الخليج إليهم. هنالك من يتخوف من توقف «عاصفة الحزم»، لأي سبب، قبل عودة الأمور إلى نصابها، إذ من شأن ذلك أن يخلق أجواء تردد سيستغلها الحوثيون لتمرير رسائل إعلامية تثبت قدرتهم على الصمود، بغية تثبيت الأمر الواقع! ويرى البعض ضرورة وجود قوات برية على الأرض لإزالة كل معاقل الحوثيين حتى لا يطلوا برؤوسهم مستقبلا، وأن الوقت مناسب للاعتماد على القبائل وكسب ولائها لدخول الجيش البري. وأكد المستشار بمكتب وزير الدفاع السعودي، العميد ركن أحمد عسيري، أنه «لا تخطيط حالياً لعمليات برية»، وأن «العمليات الجوية ستستمر حتى تحقق أهدافها، لكن إذا استدعى الأمر فإن قوات السعودية والدول الصديقة والشقيقة جاهزة، وسنرد على أي عدوان». ومعلوم أن الهدف الرئيسي لـ«عاصفة الحزم» هو إعادة الشرعية متمثلة في الرئيس منصور وحكومته. وإني أتعجب من بعض الجمعيات الحقوقية التي تريد إثبات وجودها فقط، مع أنها لم تعمل على دعم الحوار الذي عرفته اليمن منذ سنوات، وفي كل مرة يرفض الحوثيون مبدأ الحوار، ويصرون على مبدأ القوة والرأي الأوحد! وإذا ما تُرك الباب لأية فئة– في أي بلد– لتنقضَّ على السلطة الشرعية، فهذا يفتح الباب للاضطراب والفوضى. وكان القادة العرب قد أصدروا بعد اختتام أعمال قمتهم، الأحد الماضي، عدة قرارات تناولت الشأن اليمني، منها: الترحيب بالعمليات العسكرية لإعادة الشرعية، وضرورة إعادة الأمن والاستقرار، والتصدي لمحاولات الحوثي الرامية إلى تهديد الأمن القومي العربي. وقد يكون مجلس الأمن الدولي- عند نشر هذا المقال- قد أقرّ مشروع قرار بموجب الفصل السابع، يمهل الحوثيين ثلاثة أيام للانسحاب من صنعاء والمدن التي احتلوها، مع التأكيد على شرعية هادي كرئيس لليمن. وكعادتها، أصدرت بعض المنظمات الحقوقية بياناً اعتبر التحرك العربي لإنقاذ اليمن، خروجاً على ميثاق الجامعة العربية والقانون الدولي! والحقيقة أن السماح بخطف اليمن والعبث بمقدراته، وترويع الآمنين فيه، ليس مما يصون الحرية أو يحقق آمال الشعوب. كما أن تحقيق المطالب الشعبية لن يتأتى عبر استئثار فئة محدودة بمقدرات الوطن. نأمل أن تكون «عاصفة الحزم» برداً وسلاماً على اليمن المكلوم، وبداية لتغيرات جوهرية في خريطة الشرق الأوسط.