أخيراً تنفسنا الصعداء رغم أنها الحرب التي لا تبُقي ولا تذر، لكن رغم أنها الحرب ورغم كل مخاوفنا منها وكوابسنا من مجرد ورود معناها وحرفها، لكن تنفس عرب الخليج الصعداء بعد طول كتمة وعتمة وقلق يصل إلى كل الأحلام. وليس من أحد لا يقلق من إيران أو تراوده أفكار عدم إمكانية سيطرتها على هذا الجزء الحيوي من العالم، وكم كانت الأيام ثقيلة بعد أن احتلت إيران اليمن بعد خسارتنا للبنان الجميل وسوريا التاريخ. ولا يزال لبغداد نزف حي ينبض بكل الأموات الأبرياء الذين قُتلوا غدراً وطائفية لا أكثر منها. ولأن الحرب مراوغة، إلا أن الداخل اليوم هو الأهم، الحاضنة الشعبية التي ظهرت في مظاهرة مساندة لـ«عاصفة الحزم» ومناوئة لـ«الحوثي». ازدواجية الأدوار التي صارت على الأرض جعلت التحليل الحقيقي عاجز عن وصف وضع اليمن، لذلك صار من الأهمية بمكان تحديد ما يمكن أن يُرضي الشعب اليمني الذي بالضرورة لم يكن سعيداً بسيطرة جماعة «الحوثي» على البلاد بأسرها، ولعل موقع اليمن الاستراتيجي هو الذي دفع بالسعودية لإيقاف هذا التمدد الهادف لتحقيق مصالح إيران أولاً وأخيراً. وإذا كانت الحرب ستدوم لأكثر من ستة أشهر، فإن الكلفة هنا عالية جداً ما لم يكن هناك تحرك على الأرض من الحاضنة الشعبية ذاتها. والجيش اليمني هو الأقدر على تحقيق النصر، فالضربات الجوية قد تخل بموازين القوى، ولكن وجود التحرك الأرضي أهم وأكثر جدوى وأسرع نتيجة. والسؤال هل سيقف التحالف عند اليمن؟ فالسوريون الذاهبون يومياً أفواجاً للموت المحتوم، صاروا ينادون هذا التحالف لإنقاذهم من جنون نظام مهووس بالقتل والدمار، ناهيك عن وجود إيران التي تدافع عنه باستماتة خوفاً من أن تفقد مصالح استراتيجية تحققها جغرافية سوريا ونظام الأسد، الذي لا يخدم شعبه أبداً منذ تولي هذا النظام الحكم أواخر السبعينات. ولسان حال الشعوب الخليجية اليوم هي الدعوة لتأييد هذا التحالف، وتعزيز قدرات قوات «درع الجزيرة»، وتفعيل وجودها، خاصة أنه سبق لها أن أنقذت البحرين من براثن إيران أيضاً. لا أفهم لماذا لا تنشغل إيران بذاتها وتنمية بلادها وبالحرص على الخروج من دائرة الفقر الذي يعيش فيه شعبها؟ لماذا لم تحذو حذو دول الخليج التي صارت تنافس دولاً أوروبية في حجم الرفاهية والتنمية الذي طبقته في بلادها، ولم تعتدِ على أي دول أخرى مثلما إيران؟ فقدت إيران سمعتها للأبد، وخسرت كل شيء، وهي اليوم بصدد عد خسائرها وهزائمها التي ستقضي على طموح مريض بالسيطرة على الشرق الأوسط كله. فالفتنة الطائفية التي تزرعها إيران كالألغام المتفجرة ستنفجر فيها وستحول كل أحلامها إلى ركام.. وليتهم ينقذون بلادهم ويصدقون الحكماء لديهم بأنه لا جدوى من كل هذا العبث، إلا بمزيد من الخسائر لإيران ولنظامها الحاكم.