تمتلك دولة الإمارات العربية المتحدة من المقومات ما يؤهّلها لأن تكون مركزاً إقليمياً لصناعة السكك الحديدية، فعلى مدار السنوات الأخيرة حققت الإمارات نقلة نوعية في منظومة النقل والمواصلات، نتيجة للاهتمام الذي أولته لتطوير البنية التحتية للقطاع، ما أدى إلى تصنيف الدولة في مراتب متقدمة عالمياً في جودة البنية التحتية في النقل والمواصلات. فجاءت في المرتبة الأولى عالمياً في مؤشر جودة الطرق والمرتبة الثانية عالمياً في البنية التحتية للنقل الجوي وقطاع الطيران المدني، وفقاً لتقرير التنافسية الدولية لعام 2014/2015، الصادر عن «المنتدى الاقتصادي العالمي». وقد شهدت دولة الإمارات العربية المتحدة منذ عام 2009 إطلاق مشروعات رائدة مثل شبكات المترو و«الترام»، وتسارع الخطى لتنفيذ مشروعات جديدة في هذا الشأن، أبرزها مشروع مترو أبوظبي و«قطار الاتحاد». وهذه المشروعات تُعَدُّ جزءاً من الاستراتيجيات والرؤى التنموية التي تتبنّاها، سواء على المستوى الاتحادي أو المستوى المحلي في كل إمارة، والتي تستهدف تنويع الاقتصاد الإماراتي، فضلاً عن تلبية احتياجات الدولة من شبكات وخدمات النقل والمواصلات، برياً وبحرياً وجوياً، بما يساعدها على مواصلة الاحتفاظ بدورها كمركز للأعمال والتجارة والسياحة على المستوى العالمي. فمشروع شبكة «قطار الاتحاد»، البالغة تكلفته الإجمالية 40 مليار درهم، والممتدة على مسافة 1200 كيلو متر، سيعمل على اختصار العاملين الزماني والمكاني لعملية نقل البضائع والسلع، من خلال ربطه المناطق الصناعية في إمارات الدولة، بوسيلة نقل منخفضة التكاليف، ويؤمل أن يسهم المشروع في الاستراتيجية الإماراتية لتعزيز جهود الإنماء السياحي في البلاد محلياً، من خلال ربط المناطق البعيدة بالمدن الرئيسية، وإقليمياً من خلال ربطها بدول «مجلس التعاون لدول الخليج العربية»، فالمراحل الأخيرة من مشروع القطار الإماراتي تهدف إلى ربط شبكة «قطار الاتحاد» الوطنية، بشبكة «قطار الخليج»، المخطط لها أن تربط دول المجلس بعضها مع بعض. ومن جهة أخرى فإن فرص العمل التي ستوجِدها مشروعات تطوير قطاع السكك الحديدية في الإمارات، تدعم سياسة التوطين وحل مشكلة البطالة بين الكوادر البشرية المواطنة، وهو ما سينعكس إيجابياً على المستوى المعيشي ويسهم في تحقيق الرفاه والحياة الكريمة للمواطنين. إن مشروعات تطوير قطاع السكك الحديدية تخدم التوجه الإماراتي نحو تبني الاقتصاد الأخضر أيضاً، الذي ينطلق من مبدأ أن تعزيز النمو الاقتصادي يجب ألا يخل بالتوازن البيئي، فوفقاً للقائمين على مشروع «قطار الاتحاد»، ينتظر أن يعمل المشروع على تخفيض انبعاث الغازات الدفيئة «الانبعاثات الكربونية»، الناجمة عن حرق الوقود بما يتراوح ما بين 70% و80% من إجمالي الانبعاثات التي ستطلقها وسائل النقل البري الأخرى، من سيارات وشاحنات، وهو ما يسهم في تحسين البصمة البيئية للدولة، وهو تطور ذو قيمة كبيرة، حيث تقع الإمارات ضمن الدول ذات الانبعاثات الكربونية العالية. وإضافة إلى هذه الفوائد البيئية من المتوقع أن تسهم مثل هذه المشروعات في تعزيز مؤشرات السلامة على الطرق، من خلال تخفيض نسبة الازدحام المروري، وبالتالي تقليل الحوادث الناجمة عنها، فضلاً عن تخفيض الأحمال على شبكات الطرق، وبالتالي تخفيض تكاليف صيانتها. وأخيراً، تطمح دولة الإمارات العربية المتحدة من هذه المشروعات، إلى إبراز مكانتها كدولة رائدة في قطاع تطوير السكك الحديدية، وهو ما يتضح من خلال استضافتها للمنتديات والفعاليات الكبرى على الصعيدين الإقليمي والدولي، وآخرها استضافة مؤتمر ومعرض السكك الحديدية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 2015. عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية