التحالف العربي الإسلامي بقيادة المملكة العربية السعودية في عملية عاصفة الحزم دحض ما يُشاع بضعف دول الوطن العربي حول مواجهة التحديات الأمنية. من المعروف أن الجمهورية الإيرانية جارة تعودت على إزعاج الدول المجاورة لها وخصوصاً دول مجلس التعاون الخليجي باستفزازاتها المستمرة المتمثلة بالتدخل في الشؤون الداخلية للدول، وهذا ما يقابله رد خليجي بمستوى الاستفزاز الإيراني، وهذا ما سبب تضارب الآراء حول إمكانية دول الخليج العربي مواجهة تلك التدخلات الإيرانية، ولكن رد دول مجلس التعاون الأخير حول تمدد «الحوثيين» في اليمن أسكن الطمأنينة في نفوس المشككين بقدرة دولنا في الحفاظ على الأمن القومي من الخطر الإيراني، ولكن كيف؟ جماعة «الحوثي» ليست نداً للمملكة العربية السعودية من الناحية العسكرية. فالمملكة لها من القدرات العسكرية ما يكفيها لمواجهة جماعة «الحوثي» إذ سيطر سلاح الجو السعودي على الأجواء اليمنية في أول ساعة من عملية «عاصفة الحزم»، وقام بتدمير صواريخ جماعة «الحوثي» وهاجم معاقلهم بالإضافة إلى المطارات والقواعد التي كانت تحت يد «الحوثيين».. وهذا ما يؤكد قوة الاستخبارات السعودية وامتلاكها لمعلومات دقيقة تستطيع من خلالها حماية أمنها القومي. وما ذكرناه هو المجرى الطبيعي لحل أزمة اليمن كما حدث في عام 2009، ولكن التغير الذي طرأ في عملية «عاصفة الحزم» هو فريد من نوعه، إذ استعرضت المملكة قوتها بالشكل الذي تريده، وذلك بعدد الدول التي تحالفت مع المملكة في العملية، وتعدد أشكال مشاركة تلك الدول، وحشد التأييد الدولي في صفها دون انتظار موافقة مجلس الأمن على العملية، لتبث فيها رسالة لإيران بأن مجلس التعاون قادر على دفن الحلم الإيراني بالتمدد نحو جزيرة العرب. وبالنسبة للتأييد الدول فإني أراه قائماً على مصلحة كبيرة تتمثل في مضيق باب المندب لأن وقوع المضيق تحت سيطرة جماعة «الحوثي» ستكون بمثابة ورقة ضغط لصالح إيران فيما يتعلق ببرنامجها النووي المشكوك في سلميته، وهذا ما لا ترغب فيه الدول الكبرى، وتأثير تلك العوامل يتضح من تصريح وزير الخارجية الإيراني «المصدوم»، إذ طالب باستحياء حل أزمة اليمن عن طريق الحوار، وتناسى بأن دول الخليج قدمت دعوى لـ«الحوثي» بالحوار إلا أن الأخير رفض، وبالطبع رفضه لم يكن إلا بناءً على التوجيه الإيراني. الجدير بالذكر أن التدخل العربي الإسلامي بقيادة السعودية يهدف إلى حماية اليمن وأهلها بناءً على طلب رئيسها الشرعي من جماعة الحوثي وليس صراعاً مذهبياً كما تحاول تصويره إيران، فصحيح أن الأسباب يمكن أن تكون عديدة ومتداخله في بعضها، ولكن بتقديم الأولويات يتضح لنا بأن جماعة «الحوثي» إنْ تمكنت من السيطرة على اليمن، فإن ذلك يعد تهديداً للأمن الخليجي لتبعية الجماعة لإيران، وهذا ما استوجب تدخلاً خليجياً حازماً. ولكن يثور السؤال إلى متى ستستمر العملية؟ إن مدة عاصفة الحزم في اليمن تعتمد على مخزون الأسلحة الذي يملكه «الحوثي» والإمداد الذي يصله بالإضافة على قدرته في المناورة. وفي الحقيقة نجد أن العملية لن تكون طويلة بالشكل المعروف، وذلك بعد تدمير دفاعات «الحوثي» والسيطرة على الأجواء بعد الغارات الأولى مما يعني بأن الجماعة محاصرة، ولن نستطيع تلقي أي إمداد خارجي. وبالنسبة لقدرة «الحوثيين» على المناورة نجد بأنهم ميليشيات ليس لديها مهارة المناورة بالشكل المطلوب بالإضافة إلى قدرة القوات الموالية للرئيس على مواجهتهم في الأرض. وعلى الجانب الآخر، فإن البعض متخوف من علي عبدالله صالح لامتلاكه ولاء العديد من ألوية الجيش، وهذا الولاء مرتبط بالمال، وسيتبخر هذا الولاء كلما مر الوقت دون الحصول على إمداد خارجي. سر القوة العربية تمثل في السرية التامة، وهذه المرحلة أكدت لنا بأن لدول مجلس التعاون الخليجي من الإجراءات الكفيلة بحمايتها. كاتب إماراتي