ثمة حقيقة لابد من تأكيدها، وهي أن نهج المشاركة السياسية، ثقافة أصيلة في مجتمع دولة الإمارات العربية المتحدة، فمنذ نشأة الاتحاد على يد الوالد المؤسس المغفور له -بإذن الله تعالى- الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، حرصت الدولة على انتهاج مبدأ الشورى لإشراك المواطن في صياغة سياسات البلاد. وجاء تدشين «المجلس الوطني الاتحادي» ليكون مؤسسة داعمة للعملية التنموية وضامنة لازدهارها، لتنتقل الإمارات في ظل مرحلة التمكين، وتحت قيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة ، حفظه الله، إلى الارتقاء بمفهوم المشاركة السياسية، عبر انتخاب نصف أعضاء المجلس في مسار تدريجي، بما يضمن تحقيق العملية الديمقراطية بالشكل المثالي، وبما يضمن شمولها جميع فئات المجتمع الإماراتي. ومنذ انطلاقة الانتخابات الأولى للمجلس الوطني الاتحادي، حرصت الإمارات على تعزيز الفكر الانتخابي لدى المجتمع، من أجل غرس ثقافة المشاركة السياسية وتهيئة أجيال واعية بقضايا المجتمع في مختلف المجالات، بالتركيز على رفع مستوى معارف النشء والشباب بالقضايا المحلية والوطنية. وقد كان للمؤسسات التعليمية دور بارز في تهيئة الظروف المناسبة لإنشاء أجيال جديدة من القادة الشباب الواعين بقضايا مجتمعهم، عبر ترسيخ الثقافة السياسية بين فئة الشباب، إيماناً من القيادة الرشيدة بأهمية ذلك في إنجاح التجربة الإماراتية في تفعيل المشاركة السياسية. وعلاوة على الندوات التوعوية التي تنفذها المؤسسات التعليمية، من قبيل «منتدى بناء الوعي السياسي لطلاب الجامعات»، الذي يناقش مبادرات التمكين السياسي لدى الشباب، فإن مؤسسات التعليم العالي تتعاون أيضاً مع كلٍّ من وزارة الخارجية و«المجلس الوطني الاتحادي»، من أجل استحداث مساق إلزامي لمتطلبات التخرج في جامعات الدولة كافة، يتناول مجتمع الإمارات وتاريخها، في إطار توجّهات الدولة نحو نشر الوعي السياسي بين الطلاب. وكان للمرأة نصيب في جهود دولة الإمارات العربية المتحدة نحو تعزيز المشاركة السياسية، حتى أصبحت المرأة شريكاً فعالاً ومؤثراً في المجتمع. وقد حازت قضايا تمكينها اهتماماً خاصاً من سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام، الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة «أم العرب»، من خلال العديد من المبادرات لتأهيل المرأة للعمل السياسي والارتقاء بأدائها وفق أعلى المعايير العالمية، إذ رعت سموها برنامج تعزيز دور البرلمانيات في دولة الإمارات العربية المتحدة، بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة (اليونيفيم)، في الفترة ما بين عامي (2006 و2008)، الرامي إلى تعزيز دور البرلمانيات وتأهيل المرأة للمشاركة في العملين السياسي والبرلماني. ومؤخراً دشنت سموها «الاستراتيجية الوطنية لتمكين وريادة المرأة في دولة الإمارات العربية المتحدة 2015-2021»، التي تهدف إلى توفير حياة كريمة للمرأة، وتمكينها لتشارك في عمليات التنمية المستدامة، والإسهام في جعل الإمارات ضمن أفضل دول العالم في عام 2021. وفي الإطار ذاته، تستعد دولة الإمارات العربية المتحدة هذا العام لخوض انتخابات «المجلس الوطني الاتحادي» للمرة الثالثة، التي يُتوقع أن تكون خطوة مهمة تقطعها الدولة في إطار تجربتها المميزة في دعم المشاركة السياسية، ولاسيما في ظل ما شهدته على مدار السنوات الماضية من إجراءات وقرارات تثري العملية الديمقراطية، وترسخ ثقافة المشاركة السياسية في المجتمع الإماراتي، وتعمل على تحفيز الطاقات وتشجيعها باختلاف قطاعاتها وجهاتها لخدمة المجتمع الإماراتي لدعم مسيرة التطور في الدولة، تحقيقاً لتطلعات دولة الإمارات العربية المتحدة للوصول إلى مصاف الدول المتقدمة على الصعد والميادين كافة بما في ذلك الصعيد السياسي، لتمثل نموذجاً فريداً في تعزيز التمكين السياسي بما يتوافق مع احتياجات التنمية. ـ ـ ــ ــ عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية