انسحاب أميركا من أفغانستان، بعد 14 عاماً طويلة من محاربة المتمردين، لا يتم بالسرعة التي كان يتوقعها البيت الأبيض. ففي تحول مفاجئ، عُلم أن القاعدتين الأميركيتين في مدينتي قندهار وجلال آباد، اللتين كانتا مسرحين لبعض من أكثر المعارك ضراوة في البلاد، ستبقيان مفتوحتين حتى نهاية 2015، بل إنهما قد تستمران حتى العام المقبل. الخبر أتى في سياق زيارة الرئيس أشرف غاني المهمة إلى واشنطن. ففي يوم الاثنين الماضي، أجرى «غاني» محادثات مع وزراء الخارجية والدفاع والخزانة الأميركيين في المنتجع الرئاسي بكامب ديفيد، حيث تلقى وعوداً باستمرار واشنطن في تمويل قوات الأمن الوطني الأفغاني حتى 2017. ويوم الثلاثاء، تباحث «غاني» مع أوباما في البيت الأبيض ثم ألقى خطاباً أمام الكونجرس يوم الأربعاء الماضي. والواقع أن هذا الدفء غريب على علاقة إدارة أوباما مع كابول؛ حيث كانت العلاقات الأميركية- الأفغانية متشنجة جداً في عهد سلف غاني، حامد كرزاي، الذي ألمح ذات يوم إلى أن القوات الأميركية في أفغانستان تتآمر مع «طالبان» من أجل إثارة المشاكل. ولكن تحسن العلاقات له عواقب حقيقية بالنسبة للمهمة الأميركية، حيث أعلن البيت الأبيض يوم الثلاثاء الماضي أنه سيبقي على 9800 جندي في أفغانستان حتى نهاية 2015. ولا شك أن وقف إغلاق القاعدتين مهم في محاربة متمردي «طالبان»، غير أن الخطوة تؤشر مع ذلك إلى تحول في تدخل أميركا في أفغانستان، لأن الصين وباكستان، وليس الولايات المتحدة، هما اللتان تتزعمان حالياً رعاية مفاوضات السلام مع «طالبان»، كما أنه رغم أن «كيري» سافر إلى كابول في أغسطس العام الماضي لرعاية اتفاق بعد الانتخابات بين «غاني» ومنافسه عبدالله عبدالله، فإن ائتلافهما يبدو اليوم في حالة تفكك. وخلاصة القول إنه من الواضح أن الولايات المتحدة ستواصل لعب دور مهم في أفغانستان حتى العام المقبل. جاك ديتش* *محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «تريبيون نيوز سيرفس»