تحل الشهر الجاري الذكرى الخمسون على صدور تقرير «موينيهان»، الذي دعا فيه دانيل باتريك موينيهان، وكان آنذاك مساعداً لوزير العمل الأميركي، إلى بذل جهود وطنية لـ«تعزيز أسر الأميركيين السود من أجل تمكينها من تربية ودعم أفرادها كما تفعل الأسر الأخرى». وحذر التقرير من أن أسر المواطنين السود «تنهار»، نتيجة تزايد أعداد الأمهات المعيلات وغياب الآباء، وهو مسار سيدفعهن على الأرجح إلى الانحسار في دائرة الفقر. وفي مقال صدر الأسبوع الماضي بصحيفة «صنداي» أعلن الكاتب «جورج ويل» أن تلك التحذيرات المبكرة كانت صحيحة، لينضم بذلك إلى عدد كبير من الأصوات المحافظة جداً الحريصة على ترديد فكرة أن سبب الفقر ليس اقتصادياً وإنما هو ثقافي. وعلى رغم أن كافة الأدلة تشير إلى النقيض، إلا أن من الواضح أن فكرة إمكانية تخفيف وطأة الفقر عن طريق زيادة انتشار الأسر «التقليدية» لا يمكن أبداً مقاومتها. وهذا هو ما أكده «هيثر ماكدونالد»، من «معهد مانهاتن» الشهر الماضي على هامش انعقاد ندوة «مستقبل الزواج في الولايات المتحدة» ضمن فاعليات مؤتمر «العمل السياسي المحافظ» في واشنطن، قائلاً: «إذا أردتم التخلص من الفقر بين عشية وضحاها، فيمكنكم محوه إذا أسستم أسراً مستقرة مكونة من أبوين». ولكن الأمر ليس بهذه البساطة، إذ توصل تحليل حديث لبيانات إحصاء جديدة حول الهيكل الأسري والتعليم والدخل، أجراه «مجلس الأسر المعاصرة»، إلى أن الضمان المالي يساعد الأطفال أكثر من أي هيكل أسري خاص. والزواج ليس علاجاً للفقر: فعدد الأطفال الفقراء أو شبه الفقراء الذين يعيشون ضمن أسر من أبوين يناهز تقريباً أولئك الذين يعيشون مع أمهات معيلات. والحقيقة أن ترك الأطفال يعيشون في الفقر هو بسبب فشل سياسي، وليس نتيجة حتمية لأي هيكل أسري معين. ومثلما زعمت المؤلفة والناشطة «باربرا إهرينريتش» في كثير من الأحيان، إن الفقر ليس الحاجة إلى شخص ما، ولكنه الحاجة إلى المال. وميلنا إلى إحراج الأمهات المعيلات أو الأسر محدودة الدخل، والإعراب عن قلق عميق من زيادة أعدادها لن يحسّن شيئًا، وإنما سيشكل مناخاً يخشى فيه السياسيون من الانتقادات اللاذعة بسبب تأييدهم لبرامج من المفترض أن «تعزز» الهياكل الأسرية غير التقليدية. نيكول سوسنر رودجرز --------- * محلل سياسي أميركي يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»