وأخيراً أصبحت لـ«الجارديان» رئيسة تحرير، لتنضم إلى مجموعة صحف بريطانية مرموقة أخرى تقودها سيدات، مثل «إنديبندانت أون صنداي» التي تترأس تحريرها ليزا ماركويل، و«ذا صن» (فيكتوريا نيوتن)، و«ذا ستار» (دون بيسوم)، و«ايفنينغ ستاندرد» (سارة سانديس).. أما رئيسة التحرير الجديدة فهي كاثرين فاينر التي أعلنت صحيفة «الجارديان» عن اختيارها لتصبح رئيس التحرير رقم 12 للصحيفة اللندنية العريقة. وكاثرين فاينر صحفية وكاتبة مسرحية بريطانية، تعمل نائبة رئيس تحرير «الجارديان» ورئيس تحرير النسخة الأميركية الإلكترونية للصحيفة منذ عام 2013. وقد أصبحت يوم السبت الماضي أول امرأة تتقلد رئاسة تحرير «الجارديان». وقد ولدت كاثرين فاينر عام 1971، لوالدين معلمين، وتلقت تعليمها في مدرسة «ريمون جرامار سكول» في يوركشير، ثم درست الأدب الإنجليزي في جامعة أكسفورد. وقبيل تخرجها فازت بمسابقة نظمتها الصفحة النسائية في «الجارديان»، نصحها القائمون عليها بالتوجه نحو مزاولة مهنة الصحافة بعد التخرج. لكن التجربة الصحفية الأولى لفاينر لم تكن في «الجارديان»، بل كانت في «كوزمابولتين» بداية من عام 1993، وهي مجلة نسائية أميركية يعود تاريخها إلى عام 1886، انتقلت منها في عام 1996 إلى مجلة «الصانداي تايمز»، الصادرة عن صحيفة «التايمز» المملوكة لإمبراطور الإعلام روبرت موردوخ. ومنها انتقلت إلى «الجارديان» عام 1997، حيث عملت في صفحة المرأة، ثم أشرفت على تحرير ملحق نهاية الأسبوع، وفي عام 2008 أصبحت مساعداً لـ«إيان كاتز» الذي كان نائباً لرئيس التحرير. وفي مطلع 2013، تم نقل فاينر إلى سيدني للإشراف على الطبعة الرقمية الجديدة لـ«الجارديان» في أستراليا. وفي صيف العام التالي، نُقلت إلى نيويورك لتصبح نائب رئيس التحرير ومشرفة النسخة الإلكترونية الأميركية من «الجارديان»، خلفاً للصحفي القدير «جانين جيبسون». وفي يوم السبت الماضي حصلت فاينر على ثقة الموظفين في «الجارديان» لتصبح رئيسة تحرير لصحيفتي «الجارديان» و«الأوبزيرفر»، خلفاً لـ«ألان روسبيردغر» الذي أعلن تنحّيه في مطلع ديسمبر الماضي، بعد 20 عاماً أمضاها في هذا المنصب، حيث تمت ترقيته ليتولى -في بداية العام القادم- رئاسة مؤسسة «سكوت تراست» الناشرة لصحيفتي «الجارديان» و«الأوبزيرفر»، خلفاً لـ«ليز فورجان» التي تنتهي ولايتها كرئيسة لمجلس الإدارة. وأثناء عمله كرئيس لتحرير الصحيفة، حصلت «الجارديان» على أعلى تكريم في الصحافة الأميركية، وهو جائزة «بوليتزر» للخدمة العامة، بسبب كشفها الأنشطة الرقابية لوكالة الأمن القومي الأميركية، عقب تسريبات إدوارد سنودن. وتعد «الجارديان» ثاني أعرق الصحف البريطانية اليومية الحالية، إذ سبقتها فقط «التايمز» التي بدأت الصدور في عام 1785، بينما تأسست «الجارديان» في عام 1821 وظلت تصدر تحت اسم «مانشيستر جارديان» حتى عام 1959. ثم ظهرت «الديلي تلجراف» عام 1855، وبعدها «الديلي ميل» في عام 1896، ثم «الديلي اكسبرس» في عام 1900. ووسط غلبة الاتجاهات اليمينية على هذه الصحف، ظلت «الجارديان» ملتزمة في خطها التحريري بالنهج الليبرالي الاجتماعي (يسار الوسط)، وكانت الأقرب إلى «صحافة الجودة». وقد أصبح موقعها على شبكة الإنترنت، في عام 2012، ثالث أكثر المواقع تصفحاً في الصحافة العالمية. وعقب اقتراع أجرته «الجارديان»، وحصلت بموجبه فاينر على 438 صوتاً، بما نسبته 53 بالمئة من موظفي الصحيفة الذين شاركوا في الاقتراع، أعلنت فاينر أنّها فخورة بالنتائج، وقالت: «إن تكون رئيس تحرير الجارديان والأوبزيرفر هي مسؤولية كبيرة»، وأضافت: «سأسير على درب روسبيردغر، وسأقود المؤسسة الإعلامية التي ستكون منارةً للصحافة والأفكار والأحداث». وبعد تجربة امتدت 18 عاماً في مواقع مختلفة من «الجارديان»، ستتولى فاينر منصبها الجديد خلال الصيف القادم. وعلاوة على النجاحات المهنية للصحيفة خلال الأعوام الماضية الأخيرة، والتي كانت نائبة رئيس التحرير السابقة جزءاً منها، فقد درّست فاينر مادة الصحافة في جامعة سيدني، وكانت عضواً في لجنة تحكيم جائزة «أورانج» للرواية عام 2006، وعضو مجلس إدارة مسرح الديوان الملكي لمدة 13 عاماً. كما اشتهرت -خارج مجال العمل الصحفي- بنصها المسرحي الناجح، «اسمي راشيل كوري»، وهو عمل مسرحي مبدع تعاونت فيه مع الممثل «آلان ريكمان» على تقديم جانب من قصة الناشطة الأميركية «راشيل كوري» التي قتلت على يد الجيش الإسرائيلي في غزة عام 2003، وذلك عبر مشاهد تعرض قصاصات من كتابات ورسائل البريد الإلكتروني لكوري. وقد عُرضت هذه المسرحية لأول مرة على مسرح الديوان الملكي في لندن عام 2005. وهذا بذاته وجه لتباين «الجارديان» عن بقية الصحافة البريطانية الأخرى، وفاينر عن كثيرين ممن سبقوها على رأس «الجارديان»، لاسيما حين تكسر تاريخاً ذكورياً ممتداً لإحدى أعرق الصحف اللندنية! محمد ولد المنى