بإعادة انتخابهم لنتنياهو، يكون الإسرائيليون قد رفضوا التزحزح ناحية اليسار أو اليمين، وهو ما توقعه نتنياهو نفسه، عندما دعا لانتخابات مبكرة. والآن، وبعد أن فاز بالولاية الرابعة، يمكن اعتباره خبيراً بالمزاج الإسرائيلي، ليبرز السؤال حول سبب دعم الناخبين للوضع الراهن، وعزوفهم عن التغيير، بينما كان منتقدو الحكومة يريدون الإطاحة بنتنياهو. ولنبدأ أولاً بفشل تحالف الوسط الذي يجسده هرتزوغ وليفني في النيل من شعبية معسكر يمين الوسط وشركائه في أقصى اليمين، وذلك على الرغم من أن منتقدي نتنياهو من الديمقراطيين الأميركيين ودول الاتحاد الأوروبي كانوا يأملون عودة اليسار إلى الساحة، لتعود معه أيام إيهود باراك، أو حتى رابين، لكنّ هناك سببين رئيسيين يفسران فشل يسار الوسط في الصعود مجدداً، أولهما أن قضية السلام مع الفلسطينيين، نقطة الاختلاف الوحيدة بين اليسار واليمين، ليست مرتبطة فقط بالجانب الإسرائيلي، بل تعتمد أيضاً على الفلسطينيين. فالسلطة الفلسطينية ليست شريكاً ذا صدقية بالنسبة للإسرائيليين، ويصعب الوثوق بقدرتها على دعم اتفاق سلام في حال التوصل إليه. أما السبب الثاني لفشل اليسار، فهو عدم وجود قيادة عسكرية له، خلافاً للمرات السابقة عندما كان باراك ورابين جنرالين سابقين في الجيش، وكانا قادرين على عقد اتفاقات سلام من دون أن يوصما بالضعف، وهو أمر يختلف مع الزعيم الحالي لتحالف يسار الوسط، هرتزوغ، المحامي المنحدر من وسط أرستقراطي. لكن نتنياهو لم يتفوق فقط على منافسيه في اليسار، بل بز أيضاً من هم على يمينه، وهما نافتالي بينيت من حزب «البيت اليهودي»، وأفيجدور ليبرمان من «إسرائيل بيتنا»، بعد نشوب الخلاف بين شركاء الحكم بسبب تباين الرؤية حول طبيعة إسرائيل، وتغيير القانون الأساسي، حيث سعى أقصى اليمين إلى تمرير قوانين موغلة في تأكيد الطبيعة اليهودية للدولة على حساب طابعها الديمقراطي، فيما أراد نتنياهو طريقاً وسطاً، وإن كان قد محاه بتنصله من حل الدولتين. ------------ نوح فيلدمان، أستاذ القانون الدولي بجامعة «هارفارد» ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»