تسعى «قمة رواد التواصل الاجتماعي العرب»، التي انطلقت فعالياتها بالأمس في مدينة دبي وتنتهي اليوم، إلى تعزيز القيم الإيجابية في المجتمعات العربية، عبر وضع رؤية مستقبلية للاستخدام السليم لوسائل التواصل الاجتماعي، لتكون أداة للتواصل البنّاء والإيجابي بين الأفراد والمجتمعات، ووسيلة لتطوير أسلوب حياة البشر. وتحمل استضافة الإمارات لهذه القمة دلالة مهمة، سواء بالنسبة لدورها الرائد في تطوير البنية التحتية والتكنولوجية، أو في نجاحها في نشر ثقافة الاستخدام الواعي لوسائل التواصل الاجتماعي. فالإمارات ذات تجربة مميزة في تسهيل وصول أفراد مجتمعها إلى التكنولوجيا والقدرة على استخدامها، فقد عمدت منذ البداية إلى دمج التكنولوجيا في منظومة التعليم، كوسيلة تعليمية وكمناهج يتم تدريسها، وكبرامج تدريبية وتوعية اجتماعية، وعممت استخدامها في المؤسسات الحكومية والخاصة، إلى غير ذلك من الإجراءات، إلى أن أصبح مجتمعها الآن أحد أكثر المجتمعات قدرة على الوصول إلى التكنولوجيا واستخدامها في الحياة اليومية. ووفق تصنيف «المنتدى الاقتصادي العالمي» تحتل الإمارات المرتبة الأولى عالمياً في مؤشر «أهمية تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الرؤية الحكومية»، وتحل في المرتبة الثانية عالمياً في مؤشر «نجاح الحكومة في تعزيز تكنولوجيا المعلومات والاتصالات»، كما أنها تأتي ضمن أفضل عشرين دولة في العالم في مؤشر «تقديم الخدمات على الإنترنت»، وفق تصنيف منظمة الأمم المتحدة. واهتمام حكومة الإمارات بتمكين التكنولوجيا هو اهتمام في محله، نظراً إلى ما باتت تحتله التكنولوجيا وتطبيقاتها المختلفة من أهمية في حياة البشر في العصر الحديث، وكوسيلة أساسية يستخدمها الإنسان بشكل يومي منتظم، كوسيلة للتنقل ووسيلة للاتصال ووسيلة للدفع وتسوية التعاملات المالية اليومية، ووسيلة إنتاج وأداة لتنفيذ مهام العمل داخل المؤسسات الحكومية والخاصة، وأخيراً وسيلة للتواصل الاجتماعي، سواء داخل المجتمع الواحد أو بين المجتمعات المختلفة حول العالم، حتى إنه لم يعد بمقدور أي دولة أو مجتمع، مهما كان حجمه أو تقدمه، أن يعيش من دونها، بعد أن اجتاحت الثورة التكنولوجية العالم، وزادت مستويات الانفتاح بين دوله ومجتمعاته، وأزالت الحدود، بمفهومها التقليدي، فيما بينها. وتعتبر الإمارات الآن إحدى أكثر الدول التي ينتشر فيها استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، ليس على المستوى العربي والإقليمي فقط، وإنما على المستوى العالمي أيضاً. وفي خضم ذلك فطنت الإمارات إلى أنه إلى جانب الأهمية الكبيرة والدور الإيجابي للتكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي في حياة البشر، فإن هناك تحديات عدة لذلك، فعملت على إصدار العديد من القوانين والتشريعات، لضبط استخدام هذه الوسائل وجعلها أكثر نفعاً للفرد والمجتمع، وبالإضافة إلى ذلك، قامت بتنظيم العديد من الفعاليات وحملات التوعية، بهدف نشر الوعي المجتمعي بهذه الوسائل، وتعزيز القيم الأخلاقية بين مستخدميها، وتثقيفهم بطرق الاستخدام الصحيح لها، باعتبارها وسيلة للتواصل والتفاعل البناء بين البشر، وأداة لتبادل الآراء والمعرفة والخبرات بين المجتمعات. ولقد حققت تجربة الإمارات نجاحات كبيرة في تحصين مجتمعها ضد الأخطار الناتجة عن الانتشار السريع والمطرد لوسائل التواصل المجتمعي، فحصنت سكانها ضد الأفكار الدخيلة على المجتمع، بما يضمن أن يكون لاستخدام هذه الوسائل تأثيره الإيجابي في الفرد في المقام الأول، ومن ثم في المجتمع في صورته الكلية. واستضافة الإمارات لـ«قمة رواد التواصل الاجتماعي العرب» هي خطوة جديدة لها، من شأنها تعزيز نجاح تجربتها، وترسيخ ريادتها الإقليمية والدولية في هذا المجال أيضاً. عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية