من بين حزمة التحديات التي يواجهها زعيم واحدة من أكبر الديمقراطيات في العالم، ما هو دائم خفيف الوطأة، لاسيما المشكلات الاقتصادية، وما هو موسمي شديد الوطأة. وخلال الأسبوع الجاري، ووجد رئيس الوزراء الهندي «ناريندرا مودي» نفسه مضطراً لاستخدام أقصى قوته وقدراته الاستراتيجية في مواجهة أزمة داخلية وإنْ كان يراها بعض المواطنين خارجية من صنع يديه. وتواجه التجربة السياسية الطموحة التي هندسها «مودي» وحزبه «القومي الهندوسي» في ولاية جامو وكشمير الحدودية، التي يقطنها أغلبية مسلمة، تهديداً بالانفجار قبيل أيام من بدئها. والمنطقة الأكبر داخل «جامو وكشمير» هي وادي كشمير، الذي لطالما كان ميداناً لأعمال عدائية بين الهند وباكستان على مدار سبعة عقود، وخلال العقود الأخيرة، أصبحت أيضاً مركزاً لحركة انفصالية اتخذت من الأسلحة وصناديق الاقتراع ملاذاً. ويقاوم معظم الكشميريين عسكرة ولايتهم، والسلطات الخاصة التي تمارسها نيودلهي عليهم. وفي حين يتهم كثير من الهنود في أنحاء الدولة الكشميريين بأنهم «معادون للهند»، لكنهم يخفقون بسبب مزيج من الغطرسة والجهل في رؤية أن الديمقراطية التي تُدار بوجه لطيف من نيودلهي لها وجه أشد قسوة في الوادي. ومن بين القضايا الكثيرة التي تعتبر مقدسة بالنسبة لحزب «بهاراتيا جاناتا» القومي الهندوسي الذي ينتمي إليه «مودي» أن كشمير «جزء لا يمكن الاستغناء عنه من الهند». وأدى هذا الموقف المتعصب إلى أن الحزب الحاكم لم يكن له سوى تأثير محدود في الولاية لفترة طويلة، ولم يتمكن من زيادة ذلك التأثير هناك حتى تولى مقاليد السلطة في دلهي، التي تعادي بالطبع الكشميريين. وحصل «مودي» على موطئ قدم من خلال انتخابات ولاية جامو وكشمير في نوفمبر الماضي، إذ حل حزبه ثانياً في انتخابات مجلس النواب الذي يبلغ عدد أعضائه 87 عضواً، وأصبح في موضع قوة مع عجز حزب «الشعب الديمقراطي» الكشميري عن تحقيق أغلبية مطلقة. وعلى مدار شهرين، تفاوض الخبراء الاستراتيجيون في بهاراتيا جاناتا مع فريق محترف من حزب «الشعب» الديمقراطي إلى أن تم التواصل إلى اتفاق. ووافق الطرفان على تعليق بند رئيسي من سياساتهما في كشمير: فبهاراتيا جاناتا سيتخلى عن مطلب إلغاء المادة 370 في الدستور الهندي، الذي يكفل بعض التنازلات الخاصة لكشمير، في حين سيتوقف حزب «الشعب» الديمقراطي عن مناقشة إلغاء قانون الصلاحيات الخاصة للقوات المسلحة، الذي يمنح الحكومة المركزية صلاحيات كاسحة في القبض على المسلحين المشتبه بهم في كشمير واعتقالهم من دون محاكمة. وأدت الحكومة الجديدة القسم بداية الشهر الجاري في سريناجار عاصمة كشمير، ويترأسها مفتي محمد سيد، رئيس حزب «الشعب الديمقراطي»، ولكن ما انفك سيد أطلق سراح الانفصالي الكشميري مسرات علام، أحد منظمي الاحتجاجات الجماعية في عام 2010، التي أودت بحياة مئات الأشخاص. وأحدث القرار ضجة كبيرة وعاصفة سياسية في الولاية وفي البرلمان. وأخبر «مودي» البرلمان أنه لم يتم التشاور معه بشأن ذلك. ومن ثم يجد مودي نفسه في مأزق تلاعب سيد به، فإذا تجاهل استفزازه، فإن ذلك قد يعزز قوة رئيس الوزراء الكشميري، وإذا انسحب من الحكومة الجديدة، فقد يمنح ذلك حزب «الشعب» مكاسب في أي انتخابات جديدة على نحو يمكنه من تشكيل حكومة أغلبية في الإقليم. شاندراهاس تشودري يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»