تعكس دراسات وإحصاءات تتناول قطاع الاتصال والإعلام الاجتماعي في دولة الإمارات العربية المتحدة، الانتشار الواسع لتقنيات الاتصال الحديثة، وكيف أصبحت على صلة وثيقة بحياة أفراد المجتمع، في ظل تعدد أشكال استخداماتها وتنوعها، ما بين وسيلة للتواصل أو نشر الأخبار وبثها، أو توفير الخدمات أو التجارة إلكترونياً. وكشفت دراسة أعدتها كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية، بعنوان «نظرة على الإعلام الاجتماعي في دولة الإمارات العربية المتحدة 2014»، عن الحجم الكبير الذي تحتله هذه التقنيات في الدولة، إذ استطاعت الإمارات المحافظة على موقعها في صدارة دول المنطقة، في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي لأربع سنوات على التوالي، حيث تضاعف خلال هذه السنوات عدد مستخدمي «الفيسبوك» في الإمارات من 1,6 مليون مستخدم في عام 2010، إلى 5 ملايين مستخدم في عام 2014، كما تزايد استخدام الهواتف الذكية، التي باتت تشكل ما نسبته 61% من إجمالي الهواتف المسجلة في الدولة، كما تعد الإمارات ثاني أكبر أسواق التجارة الإلكترونية العالمية عبر استخدام الهواتف الذكية، وفقاً لدراسة أجرتها شركتا «بايبال- PayPal» و«إبسوس- Ipsos»، التي أوضحت أن 57% من المتسوقين عبر الإنترنت في الدولة اشتروا باستخدام الهواتف الذكية. وفي الوقت الذي تفرض فيه التطورات التكنولوجية التي يشهدها العالم، لاسيما في قطاع الاتصال، واقعاً جديداً على المجتمعات، من حيث نشوء أنواع جديدة من الجرائم، تتمثل في جرائم تقنيات المعلومات، أو كما هو متعارف عليه «الجرائم الإلكترونية»، متنوعة ما بين الابتزاز والقرصنة والتشهير والتحريض، أو تجنيد الأفراد لمصلحة جماعات متطرفة أو إجرامية، فإن هذا يفرض بدوره على جميع دول العالم اتخاذ إجراءات نوعية للتعامل مع هذه الفئة من الجرائم، والعمل على تقليص آثارها على أمنها واستقرارها. ورغم أن جرائم تقنيات المعلومات لا ترقى إلى مستوى الظاهرة في دولة الإمارات، فإن هذا لم يمنعها من السعي نحو اتخاذ الإجراءات المناسبة لمواجهة هذه الجرائم، إما بشكل تشريعي عبر قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، أو بشكل تنفيذي من خلال التنسيق بين الجهات المعنية، لإجراء الحملات التوعوية وإطلاق برامج إلكترونية حمائية ضد الجريمة الإلكترونية، أو برامج الرقابة المعنية بمراقبة المواقع الإلكترونية المخالفة للقانون. وفي هذا السياق، أطلقت الهيئة العامة لتنظيم قطاع الاتصالات، بالتعاون مع خدمة «الأمين» بشرطة دبي، مؤخراً حملة أمنية توعوية ضد الابتزاز الإلكتروني، في خطوة تعتبر مكملة لخطوة سابقة نفذتها شرطة دبي لإطلاق حملة توعوية تحت عنوان «معاً لنجعل الإنترنت في الإمارات أفضل استخداماً»، تستهدف الحد من الجرائم الإلكترونية، وتحذير المجتمع من خطورتها على أمن الدولة، وفيما أولت حملة «معاً لنجعل الإنترنت في الإمارات أفضل استخداماً» الاهتمام الأكبر للجرائم التي تمس الطفل، فإن الحملة الجديدة تستهدف بشكل خاص فئات الشباب. إذ تعوّل الإمارات على الحملات التوعوية في بناء منظومة أمنية ضد الجرائم الإلكترونية وتحقيق الأمن الفكري، وهي معنية بإشراك أفراد المجتمع في مواجهته عبر تحصينهم ذاتياً من التعرض لهذه الجرائم، عوضاً عن الاكتفاء فقط بالإجراءات القانونية والرقابية الرسمية، خاصة أن التجارب تثبت أن فرض الرقابة على هذه المواقع المخالفة أو حذفها، لا تُغني عن ضرورة تشكيل الوعي المجتمعي كوسيلة داعمة لجهود الدولة الرامية إلى مجابهة كل ما يستهدف أمن المجتمع. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية