الدعم الذي قدمته دولة الإمارات العربية المتحدة لجمهورية مصر العربية خلال المؤتمر الاقتصادي بشرم الشيخ، الذي بدأ أعماله يوم الجمعة الماضي، واختتم أمس الأحد، يؤكد بوضوح الإرادة الإماراتية القوية لمساعدة مصر الدولة والشعب على النهوض بقوة والتوجه بثقة نحو المستقبل، وهذا يقع ضمن السياسة الإماراتية الداعمة للأشقاء العرب، خاصة على المستوى التنموي، وهي سياسة تنطلق من إيمان راسخ بالعلاقة الوثيقة بين التنمية من ناحية والأمن والاستقرار من ناحية أخرى، وأن التقدم على طريق النمو الاقتصادي هو أحد المداخل الأساسية لدحر قوى التطرف والعنف والإرهاب التي تستغل دائماً الظروف الاقتصادية والاجتماعية المأزومة لكي تنشر أفكارها المسمومة وتسوّق لشعاراتها الزائفة. إن موقف دولة الإمارات العربية المتحدة خلال مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي، يشير بجلاء إلى أنها كانت وستظل إلى جانب مصر، وأنها تقرن الأقوال بالأفعال، وهذا ما يتضح من المشروعات التاريخية التي أعلنت تنفيذها على الأرض المصرية خلال السنوات القادمة، التي من شأنها أن تحقق نقلة مهمة في الاقتصاد المصري؛ حيث شهد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي توقيع اتفاقية مشروع بناء العاصمة الإدارية الجديدة لمصر بتكلفة 45 مليار دولار، وهي العاصمة التي ستكون أكبر من باريس بسبع مرات، ومن واشنطن بأربع مرات. وقد عبّرت مصر عن تقديرها لدور الإمارات في إنشاء العاصمة الإدارية الجديدة من خلال إعلانها أن الطريق الذي سيربط بين هذه العاصمة والقاهرة سيحمل اسم صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، الذي كانت زيارته لمصر قبل المؤتمر الاقتصادي إشارة قوية إلى أن دعم الاقتصاد المصري هو توجّه استراتيجي في السياسة الإماراتية يستند إلى إرادة قوية من قبل القيادة الرشيدة. ومن بين الصفقات الضخمة التي وقعتها الحكومة المصرية مع شركات عالمية خلال المؤتمر الاقتصادي، كان للشركات الإماراتية النصيب الأكبر، حيث بلغت قيمة الصفقات التي وقعتها في اليوم الثاني للمؤتمر نحو 77 مليار دولار، تشمل مشروعات في قطاعات السياحة والكهرباء والعقارات والبنية التحتية وغيرها، وهذا يشير إلى توجه إماراتي ليس على المستوى الحكومي فقط، وإنما على مستوى القطاع الخاص لتعزيز الاستثمار في مصر أيضاً، خاصة مع الفرص الاستثمارية المهمة التي توفرها البيئة الاقتصادية المصرية، والقوانين المشجعة على الاستثمار التي أقدمت الحكومة المصرية على إصدارها خلال الفترة الماضية وعبّرت عن وعي بأهمية إيجاد الأطر التشريعية الحديثة التي تجذب الشركات العالمية لاستثمار أموالها في الاقتصاد المصري. تمثل دولة الإمارات العربية المتحدة نموذجاً رائداً في مجال التنمية تشهد بكفاءته وتفوقه المؤسسات الدولية الكبرى، ولذلك فإنها تحاول نقل خبراتها التنموية إلى الدول الشقيقة والصديقة، وهذا ما يتجسد بوضوح في الدور الذي تقوم به في دعم مصر ومساعدتها، وكان مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي محطة مهمة من محطاته وعلاماته البارزة.