مازالت حروب العملات حامية الوطيس. ويوم الأربعاء الماضي، أصبحت تايلاند الدولة الحادية والعشرين على الأقل التي تقلص سعر الفائدة حتى الآن هذا العام، ضمن سباق الدول لجعل عملتها أرخص. ومازال الاحتياط الاتحادي الأميركي يسير فيما يبدو على طريق رفع سعر الفائدة في يونيو ليزيد من قوة الدولار. لكن هناك أكثر من طريقة للفوز بالمعركة. فمن الممكن إلحاق ضرر متزايد بخصمك وهو ما يفعله معظم العالم بالولايات المتحدة أو يمكنك كسب أرض وهو ما تفعله الصين التي تسرق عملتها المزيد والمزيد من السوق العالمي. وواصل الدولار الأميركي صعوده أمام جميع العملات الأخرى تقريبا في أسواق العملات الأجنبية. وأثر صعوده هذا على البورصة فواجه مؤشر «ستاندرد آند بورز» أسوأ أيامه في شهرين. وبالنسبة للشركات الأميركية، فبلوغ الدولار أعلى مستوى في 12 عاما أمام اليورو وتحقيقه كسبا بنسبة 20 في المئة ضد عملات أكبر شركائه التجاريين في العام الماضي، هدد بالعصف بالصادرات وتقليص المكاسب من الخارج. ورغم أن هناك مبالغة شديدة في القول بأفول نجم الدولار كعملة الاحتياطي الأجنبي المفضلة في العالم، فمن الصحيح أن الولايات المتحدة خسرت بعض الأرض. فمازال الدولار مهيمنا على احتياطي العملات الأجنبية في العالم بنسبة 62 في المئة، بحسب صندوق النقد الدولي، لكن هذا يعد انخفاضاً عن نسبة 72 في المئة في عام 2001. والعام الماضي، ارتفع نصيب الدولار من التعاملات المالية العالمية الإجمالية إلى أكثر من 43 في المئة عما كان أقل قليلا من 39 في المئة، بحسب بيانات جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك (سويفت)، وهي شبكة تنقل 20 مليون رسالة مالية في اليوم بين 10800 مؤسسة في أكثر من 200 دولة. وأصبحت عملة الصين خامس أكبر وسيط للتداول في العالم متقدمة عن المركز السابع الذي كانت تحتله في بداية عام 2014. و«اليورو» خاسر حقيقي على المسرح العالمي. فقد انخفض نصيبه من التعاملات الإجمالية إلى 28.75 في المئة مقابل 33.52 في المئة في العام الماضي. وهو أقل انتشارا في البنوك المركزية في العالم. وفي عام 2007 توقع «دويتشه بنك» أن يستحوذ «اليورو» على ما بين 30 و40 في المئة من الاحتياطي العالمي من العملات الأجنبية بحلول 2010 ليزيح تدريجياً هيمنة الدولار. لكن حصة «اليورو» بلغت قمتها عند 28 في المئة في سبتمبر عام 2009 وثم انزلقت منذ ذاك الحين إلى أقل من 23 في المئة. وتدور حرب العملات على أساس أن كل دولة تفضل عملة أضعف لدعم الصادرات والنمو، لكن ما زال من الوجاهة أن تكون عملتها هي الأكثر استخداماً. ومن الثابت جيداً أن المراكز المالية المختلفة سعت للفوز بدعم الصين لتقدم لها مركزاً خارج الصين لتعاملات «اليوان» والآن تروج الصين لعملتها باعتبارها أداة لمطاردة العملات الأخرى في العالم. وذكر «سايمون بلاك» الذي يدير شركة «سوفرين مان» للاستشارات الاستثمارية أن «الصين تنشر حرفياً عملتها في الخارج، وتتأكد من أن يراها كل شخص يهبط في أي من مطارات العالم المزدحمة». لكن «اليوان» مازال يمثل 2.06 في المئة، فحسب من التعاملات العالمية، بحسب "سويفت"، لكنه ارتفع مقارنة بنسبة 1.39 في المئة قبل عام حينما تقدم على الدولارين الكندي والأسترالي. وفي يناير 2012 كان «اليوان» يحتل المرتبة العشرين لأكثر العملات استخداما، وليس المرتبة الخامسة. وإذا كانت الولايات المتحدة هي الخاسر في حروب العملة، فالصين هي الفائز على الأرجح على المدى الطويل. مارك جيلبرت: محلل اقتصادي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»