علق عدد من الناس على خطاب بعث به 47 عضواً جمهورياً من أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي إلى إيران بشأن اتفاق نووي محتمل، مشيرين إلى عدم دقته فيما يتعلق بقانون الولايات المتحدة، واستخفافه ببعض المسؤولين الإيرانيين الذين لا يعدمون مكراً ودهاءً، وقد تلقوا تعليمهم في الولايات المتحدة، هذا زيادة على مظهر عدم الولاء الذي خلقه أيضاً. وبإضافة انتقاد واحد إضافي لهذه القائمة، فهو خطاب يتسم بالغباء من الناحية التكتيكية كذلك. وعند قراءة الخطاب، من المهم أن نتذكر أين نحن -في نهاية أكثر من عام من المفاوضات في آخر محاولة للتوصل إلى اتفاق بشأن برنامج إيران النووي. فهذه جهود دولية تتواصل منذ 2003، مع فقدان العديد من المواعيد النهائية والفشل على طول الطريق. ومع اقتراب موعد نهائي آخر في 24 مارس، فهناك فرصة جيدة أن يتمكن الجانبان من التوصل إلى اتفاق هذه المرة. فما الذي سيحدث إذا فشل الطرفان مرة أخرى في التوصل لاتفاق؟ سيبادر أعضاء مجلس الشيوخ (ونتنياهو) بالثناء على بعضهم بعضاً: المهمة أنجزت. ولكن إذا كانوا قلقين حقاً بشأن قيام إيران بتكديس مخزون اليورانيوم المخصب وقدراتها على بناء ترسانة نووية، فإنه ينبغي عليهم التفكير ملياً في أن المباحثات ستنهار. أولًا، للإبقاء على العقوبات الدولية المفروضة على إيران كما هي حال فشل المحادثات، ولجعل أوروبا وروسيا والصين تستمر في ممارسة الضغوط على إيران، فمن المهم ألا تبدو الولايات المتحدة وكأنها هي الجاني في لعبة إلقاء اللوم التي ستتبع ذلك. فإذا ما بدت الولايات المتحدة وكأنها هي السبب في انهيار المباحثات، لأنها لا تريد في الواقع أي اتفاق قابل للتحقيق، فإن العقوبات الأوروبية ضد إيران -الدولة التي يجنح اقتصادها نحو الكساد- قد تنهار. ولذا فإن مبادرة أعضاء مجلس الشيوخ بكتابة خطاب مفتوح يرقى إلى مستوى جهد عام لنسف الاتفاق، ولم يكن بالتصرف الحاذق، أيضاً. ثانياً، على رغم أن الإدارة قالت إن المباحثات ستنتهي إذا فات الموعد النهائي الحالي، فهذا ليس أمراً مسلماً به. ويبقى إلى حد كبير في صالح الولايات المتحدة وشركائها الإبقاء على المباحثات مستمرة تحت شروط الاتفاق المؤقت الذي تم التوصل إليه في نوفمبر 2013، وعدم التوصل إلى اتفاق دائم. وقد ألغى الاتفاق القائم مخزون إيران وإنتاجها من أكثر أنواع الوقود النووي إثارة للقلق، وهو اليورانيوم المخصب بنسبة 20%. وعلاوة على ذلك، فقد خفض الاتفاق نمو مخزونها من اليورانيوم منخفض التخصيب، وقدم مستويات أعلى بكثير من التفتيش الدولي. ولذلك، إذا نجح أعضاء مجلس الشيوخ في إقناع إيران بأن أي اتفاق محتمل سيكون ملزماً فقط حتى يدخل الرئيس الجديد البيت الأبيض، فما الحافز الذي سيدفع طهران لمواصلة قبول هذه القيود، بدلًا من العودة إلى إنتاج الوقود قدر استطاعتها؟ وأخيراً، وكما أشار وزير خارجية إيران «جواد ظريف» في رده على الخطاب، فإن أعضاء مجلس الشيوخ قد أظهروا مستوى غير عادي من ضيق الأفق. فالاتفاق الذي قد يتم أو لا يتم التوصل إليه لن يكون بين الولايات المتحدة وإيران فقط. فهذا الاتفاق سيتم توقيعه من قبل الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن -الصين وفرنسا وروسيا وبريطانيا والولايات المتحدة- علاوة على ألمانيا من جانب، وإيران من الجانب الآخر. وعليه، فإن الخطاب يعد تحذيراً ليس فقط لإيران، وإنما أيضاً لقائمة من أهم حلفاء الولايات المتحدة وخصومها من القوى العظمى بألا تأخذ توقيع الرئيس الأميركي على محمل الجد، ليس فقط فيما يتعلق بهذا الاتفاق التنفيذي، بل أيضاً في كل الاتفاقات المماثلة. ويقول السيناتور عن ولاية كارولينا الجنوبية «ليندسي جراهام» إنه هو وأعضاء آخرون بمجلس الشيوخ لم يكونوا يحاولون تقويض جهود الرئيس، بل أرادوا فقط إثبات أن رفع العقوبات التي فرضها الكونجرس يعود إلى الكونجرس نفسه، وأنه لذلك يجب أن يكون له صوت في أي اتفاق. وفي نهاية المطاف، فأعضاء مجلس الشيوخ محقون في شيء واحد: إذا أرادوا هم والرئيس الأميركي الجديد تحمل الازدراء الدولي وإفشال الاتفاق المحتمل بالفعل، فإنهم يستطيعون ذلك. ولكن هل هذا من شأنه تحسين الوضع التي ستحتاج الولايات المتحدة إليه لتعزيز العقوبات الدولية ضد إيران؟ هل سيساعد هذا واشنطن على أن تحظى بالتأييد الدولي أو قبول شن ضربات جوية ضد المنشآت النووية الإيرانية، إذا ما دعت الضرورة؟ إن الإجابة عن هذين السؤالين هي، لا. وإذن فما الذي كان يفكر فيه هؤلاء الأعضاء الـ47؟ مارك تشامبيان محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»