شهدت الأيام القليلة الماضية عدداً من المبادرات النوعية ضمن جهود تطوير التعليم في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث أعلنت «وزارة التربية والتعليم» توظيف الروبوت في تدريس مناهج المواد العلمية في المدارس الحكومية، ابتداء من العام الدراسي المقبل. وكشف «مجلس أبوظبي للتعليم» عن تشكيل منظومة متكاملة لدعم الابتكار، وهي إحدى المبادرات التي أطلقها سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير شؤون الرئاسة، خلال الدورة الثالثة للقمة الحكومية 2015، والتي تستهدف بناء بيئة إماراتية داعمة للابتكار، وقاعدة من الكوادر المواطنة المبدعة والقادرة على التعامل مع العلوم الحديثة كالهندسة والتقنيات، وغيرها. وتمثل هذه الجهود ترجمة لتوجيهات القيادة الإماراتية الرشيدة، بالاستثمار في التعليم واعتماد الابتكار والإبداع والعلوم كمنهجية لتطوير منظومة التعليم الإماراتية، لتحقيق أقصى درجات الاستفادة من الابتكارات العلمية والبشرية، للنهوض بجميع المجالات للوصول إلى التنمية المستدامة، ووضع اسم الإمارات على الخريطة العالمية للدول المبتكرة. إن حرص المبادرات الإماراتية على تطوير المناهج التعليمية في الأقسام العلمية والتقنية، وتحفيز الأجيال القادمة على الانخراط والالتحاق بها، ينطلق مما أثبتته التجارب التنموية الناجحة على المستوى الدولي، التي أكدت أن علوم الهندسة والتقنيات والعلوم الحديثة كافة، هي البوابة الأساسية التي يجب أن تعبرها الدول لكي تصل إلى غاياتها. ولكي تحقق هذه المبادرات أهدافها فإنها تركز على اكتشاف المواهب الصغيرة ورعايتها وصقلها، وترسيخ الفكر الإبداعي لدى جميع الفئات في المجتمع الإماراتي، كما أنها تتبنى مبدأ أن مسؤولية اكتشاف المبتكرين والموهوبين ودعمهم هي مسؤولية جماعية، تبدأ بالأسرة مروراً بالمؤسسات التعليمية، وصولاً إلى المؤسسات الرسمية الحكومية والخاصة. وهو ما يعكس قناعة القيادة الإماراتية ويقينها بأهمية إشراك فئات المجتمع ومكوناته كافة في تعزيز ثقافة وروح الابتكار، فالأسرة هي الدائرة الأولى التي تحيط بالطفل الموهوب والمبدع، وهي اللاعب الأساسي في خلق البيئة المحفزة له على الابتكار. وتمثل مشاركة القطاعات الحكومية والخاصة الدائرة الأوسع الداعمة للموهوبين والمبدعين، عبر مساهمتها في تمويل البرامج التعليمية وفي تبنّي المبتكرين والمخترعين وتبني أفكارهم وتطبيقها. ولا يمكن في هذا الصدد إنكار الدور الكبير للإعلام، الذي يساعد على نشر الوعي بأهمية الإبداع والابتكار كقيمة أساسية في المجتمع، وكوسيلة أساسية للانتقال إلى المستقبل الأكثر ازدهاراً. الجدير بالذكر أن خطوة تطوير التعليم عبر تبنّي الابتكار والإبداع كمنهج لذلك، ليست هي الأولى في الإمارات، بل إنها جاءت داعمة لخطوات سبق تنفيذها وحققت الكثير من النتائج الإيجابية، بشأن ترسيخ العلوم والتكنولوجيا والابتكار في بنية المجتمع المحلي، ويمكن الإشارة في هذا الصدد إلى إنشاء الدولة لـ«جمعية الإمارات لرعاية الموهوبين» ومبادرة «لجنة أبوظبي لتطوير التكنولوجيا» لدى قيامها بإنشاء مقر دائم للمبتكرين والمبدعين في إمارة أبوظبي، كملتقى لمحبي العلوم من الطلاب والشباب، وإطلاق برنامجي «لِمَ؟» و«تكامل»، اللذين يستهدفان دفع الطلاب إلى الانخراط في المجالات العلمية، وتحفيزهم من خلال التجارب التفاعلية والأنشطة المدرسية، واستقطاب المخترعين والمبتكرين منهم ودعمهم. في النهاية، يجب تأكيد أن هذه السياسات الوطنية الداعمة للابتكار والراعية للمبدعين والمخترعين هي بمنزلة الآلية الأكثر فاعلية لتحقيق أهداف التنمية، فهي كفيلة بإعداد أجيال مستقبلية قادرة على العمل والإنتاج غير التقليدي ومنافسة المبدعين والمبتكرين حول العالم، الذي يسهم بفاعلية في التنمية المستدامة في الإمارات، وتتويجها كمركز عالمي وعاصمة للابتكار والإبداع.