إذا كان الجمال، كما يقول الفيلسوف أرسطو، «أعظم تزكية من أي رسالة توصية»، فلا تزكية تضاهي جمال بحوث نساء العلم العربيات في «مؤتمر تقنية النانو» في أبوظبي. عالمة «النانو» أمل الغافري، أول أكاديمي إماراتي على الإطلاق يدخل «معهد مصدر»، الذي يحتل الصدارة في تصنيف الجامعات العربية. حصلت الغافري على الدكتوراه في علوم وهندسة المواد من جامعة بيتسبرغ بالولايات المتحدة، ويكفي لتصور دقة تقنية «النانو» التي تطورها معرفة أن أظافرنا تنمو بمعدل «نانو» كل ثانية. و«حياكة القوة الشمسية في نسيج الحياة» عنوان مقالتها المنشورة بصحيفة «ذا ناشيونال» الإماراتية، وعرضت تطوير فريقها في «معهد مصدر» أنابيب كربونية من مواد عضوية قطرها واحد من المليون من الملمتر، وطولها عشرة من المليون من الملمتر، عالية الكفاءة في تمرير وتحويل إلكترونات الطاقة الشمسية. والكلفة الزهيدة لمواد «النانو»، ومرونتها وشفافيتها، تحدث ثورة في صناعات النوافذ، والطلاء، والستائر، والمعدات التي نرتديها، وما لا حدّ له من تقنيات «تجعل بالإمكان حياكة الطاقة الشمسية في نسيج حياة الناس». ونساء النانو العربيات، كالسيوف الدمشقية التي صنعها العربُ بتقنية «النانو» قبل أكثر من ألف عام. سيوف «من المُضاء حدّ أن تبتر قطعة حرير في الهواء نصفين، ومن القوة حدّ أن تُشّظي الصخرة بضربة واحدة»، ذكر ذلك العالم الأميركي روبرت كيرل، الفائز بجائزة «نوبل» للكيمياء. و«نانو» قلب الأكاديمية السعودية ابتسام العليان، مَكّنها من أن تعيد صياغة حياتها بعد حادث سيارة توفي فيه زوجها وتحطّمَت أضلاعها. حدث ذلك عقب حصولهما على الدكتوراه من بريطانيا، وتعيينهما للتدريس بجامعة الملك سعود، وخلافاً لتقاليد تقضي بعودة الأرملة الشابة للعيش مع أهلها، تمسّكت العليان بعملها الأكاديمي وتربية طفليها. علمتُ بذلك خلال لقائي بها في «ندوة نساء العلم في العالم العربي» عام 2007 بدمشق، وقد ألقت بحثاً في الندوة، ابتهجتُ له كابتهاجي باستمرار بحثها الأكاديمي بعد ترقيتها إلى منصب مساعد وكيل جامعة الملك سعود للدراسات العليا والبحث العلمي، وفوز مستحضرات التجميل «النانوية» التي صمّمتها في «المعرض العالمي في جنيف للمخترعين»، و«النانو» تعيد كتابة تاريخ العلوم والعلماء. فقبل عقدين فقط، اكتشف المؤرخون أن العرب رواد «النانو»، وقبل عقدين اكتشفت ليلى أبو حسّان، أستاذة الفيزياء بالجامعة الأردنية أن أول بحث لها منشور عام 1986 كان عن «النانو».وعندما تعرفتُ عام 1995 على بحوثها في مختبر رائد «النانو»، منير نايفه، في جامعة إيلينوي بالولايات المتحدة، لم يخطر ببالي أنها «ابنة شيخ بدوي من سَلَط»، ولم أتوقع أن تساهم بتنظيم أول مؤتمر عربي دولي حول «النانو» عام 2004 بعمّان، وتشارك في «هيئة خبراء أخلاقيات تكنولوجيا النانو في العالم العربي» باليونسكو، وتُنتخبُ عام 2011 لعضوية «مجلس الأعيان» الأردني. ذكر ذلك كتاب بالإنجليزية عنوانه «أصوات» وموضوعه «روح الريادة النسوية بالأردن». وأشك بوجود مثيل لنادية أحمد المعلّمي، فشهادتها للدكتوراه ليست بالعلوم، بل بالأعمال، لكنّ شغفها بـ«النانو» جعلها تنشئ «مؤسسة المواد متناهية الصغر»، وتُصدرُ كتابَيْ «النانو للجميع»، و«النانو من مكتبة تقليدية إلى رقمية»، فيما هي تدير «مدرسة الأنهار العالمية»، ومسؤولة في «التربية والتعليم بجدة»، و«مركز التدريب على الحاسب الآلي بدار الإيمان لتحفيظ القرآن».وجميلةٌ أمثلة كتاب المعلّمي عن ظواهر «النانو» في الطبيعة التي تستوحيها صناعة أقمشة، مثل زهرة اللوتس لا تبتل بالماء، لأن سطحها مغطى بشعيرات «نانوية» طاردة للماء، ومعادن مثل ذيل طير الطاووس الذي يخلب بألوانه قلوب الأناث، وهو في حقيقته خدعة لونية «نانوية»! وفي ظروف مصر الصعبة نبتهج بأستاذة «النانو» في «المركز القومي للبحوث»، نُهى الحلواني، التي صمّمَت كلّابات «نانوية» مركبة تزيل السموم المعدنية. وَضَعَت نُهى في صفحتها على «فيسبوك» صورَ شخصية بالطرحة المصرية الزاهية الألوان. وعندما احتج أكاديميون على تعليقات «غير أكاديمية» أثارتها الصور، قالت: «هذه مجاملات رقيقة»!