يوجد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وسط حملة انتخابية محمومة لإعادة انتخابه. ومع ذلك قرر قطع مسافة 5900 ميل لإلقاء خطاب أمام جلسة مشتركة لمجلسي الكونجرس الأميركي، قبل أسبوعين فقط على توجه الإسرائيليين إلى مكاتب الاقتراع. رئيس مجلس النواب الأميركي جون بوينر (الجمهوري)، وبتعاون مع السفير الإسرائيلي في الولايات المتحدة «رون ديرمر» (الذي كان يعمل لحساب الجمهوريين سابقاً وتخلى عن جنسيته الأميركية)، قدم دعوة لنتانياهو في محاولة واضحة لإضعاف الرئيس الأميركي، في وقت تنخرط فيه الولايات المتحدة وشركاؤها الخمسة في مفاوضات صعبة مع إيران من أجل منعها من تطوير أسلحة نووية، وهي إحدى أولويات الأمن القومي التي أؤيدها بقوة. وبعبارة أخرى، فإن رئيس مجلس النواب وفّر لرئيس لنتنياهو منبراً عالمياً لمهاجمة الرئيس وإيصال رسالة انتخابية للناخبين في إسرائيل. السيناتور الأميركي السابق جوزيف ليبرمان قال في مقال نشر بصحيفة «واشنطن بوست»، هذا الأسبوع، إن أعضاء الكونجرس يبنغي أن يحضروا للاستماع إلى الخطاب لأنه مثلما حظي زعماء عالميون آخرون بالاهتمام والاحترام، فإن «رئيس الوزراء الإسرائيلي أيضاً يستحق أن يُستمع إليه باحترام»! والأكيد أن الاحترام مهم، لكنه ينبغي أن يكون متبادلا بين الحلفاء. والحال أن بوينر وديرمر ضربا صفحاً عن القواعد الدبلوماسية من خلال إحجامهما عن إخبار البيت الأبيض بالزيارة. وفي هذا السياق، قال دانييل كرتزر، وهو سفير أميركي سابق لدى إسرائيل: «أن تفكر في الذهاب وراء ظهر حكومة بلد صديق والقيام بمثل ها النوع من الترتيبات مع البرلمان.. هو أمر غير مسبوق». عدم الاحترام غير المسبوق هذا تجاه رئيس أميركي لم يتم المرور عليه مرور الكرام في إسرائيل أيضاً، حيث كتب «أوديه بشارات» في صحيفة «هآرتس» يقول: «إن الاحترام واجب حتى تجاه جمهوريات الموز». وفي المرة الأخيرة التي ألقى فيها نتنياهو خطاباً على الكونجرس الأميركي، في 2011، شكر الرئيسَ أوباما على «التزامه القوي بأمن إسرائيل»، وقال للعالم إن «الوقت أخذ ينفد» لمنع إيران من الحصول على سلاح نووي. غير أن صوراً من ذلك الخطاب استُعملت من قبل حزب «الليكود» لإعلانات تلفزيونية في إطار الحملة الانتخابية عندما واجه نتنياهو الناخبين الإسرائيليين آخر مرة. ومعلوم أن استعمال صور فيديو من قاعة مجلس النواب الأميركي لأغراض تتعلق بالحملة الانتخابية ممنوع على أعضاء الكونجرس، إلا عندما يلعبون دور «كومبارس» في إعلان تلفزيوني يروّج لنتنياهو! في السابع عشر من مارس، سيقوم الإسرائيليون بانتخاب حكومة جديدة، وسيتعين عليهم التصويت وفقاً لأولوياتهم الخاصة. وشخصياً، آملُ أن يرى الإسرائيليون خطاب نتنياهو على حقيقته: باعتباره خطاباً من خطابات الحملة الانتخابية. والحال أن خطاباً من هذا القبيل ينبغي إلقاؤه في إسرائيل وليس في قاعة مجلس النواب الأميركي. «بشارات» اختتم مقاله بالقول: «إن أي زعيم يحاول أن يفعل للأميركيين ما فعله نتنياهو كان سيُطرد على الفور، ليس من واشنطن فحسب وإنما حتى من منصبه في بلده». هذا رأي، لكني سأترك ذلك الاختيار للناخبين الإسرائيليين. لذلك قررت الامتناع بكل احترام عن حضور خطاب الحملة الانتخابية لنتنياهو. بيتي ماكولم* *عضو في مجلس النواب الأميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»