بدأت الدول الخليجية بنقل سفاراتها تدريجياً إلى عدن، حيث أعلنت كل من السعودية وقطر والإمارات فدولة الكويت تباعاً استئناف عمل بعثاتها الدبلوماسية من عدن دعماً للرئيس اليمني عبدربه منصور هادي في مواجهة الانقلاب الحوثي، بينما لا تزال سفارات دول عربية وغربية -من بينها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا وتركيا- مغلقة في صنعاء. وبدأت عدن تتحول إلى عاصمة سياسية بديلة لصنعاء، وقال وزير الدولة للشؤون الخارجية الدكتور أنور قرقاش، إن قرار دولة الإمارات «يأتي دعماً وترسيخاً للشرعية الدستورية في اليمن الشقيق، ممثلة في الرئيس عبدربه منصور هادي وحكومته، ودعماً للمبادرة الخليجية والمسار السياسي المتفق عليه إقليمياً». ويواجه الرئيس اليمني تحدي احتلال الحوثيين للعاصمة اليمنية صنعاء وإشكالية وضع حد لتغلغل الحوثيين في مفاصل الدولة، إضافة إلى موقف قوى الحراك الجنوبي من التطورات الأخيرة، ونقل الصراع مع الحوثيين من صنعاء إلى عدن. ولعل التساؤلات الأكثر إلحاحاً الآن: هل اليمن مقبل على حرب أهلية بين الحكومة الشرعية ومن يدعمها في عدن وبين الحوثيين في صنعاء؟ ما الخيارات المتاحة للمجتمع الدولي؟ وهل يمكن أن تتخذ دول الخليج خيارات منفردة؟ يحظى الرئيس اليمني، بدعم عربي من جامعة الدول العربية، ودعم خليجي متمثل في مجلس التعاون الخليجي ودوله منذ بداية أزمته مع الحوثيين، وقد استطاع هادي العودة إلى الحكم مجدداً بعد تمكنه من الإفلات والمغادرة إلى عدن كرئيس لليمن، بعد أن أبلغ البرلمان سحب استقالته، واعتبر ما حصل انقلاباً معلناً بوضوح، وعدم شرعية ما اتخذ من قرارات وإجراءات منذ دخول الحوثيين صنعاء. لقد كشف تحرك الحوثيين الخطر الطائفي الذي يهدد اليمن وأصبحت الجبهات واضحة على الساحة اليمنية أكثر من ذي قبل، فالاحتلال الحوثي للعاصمة والإعلان الدستوري دفعا بقطاعات واسعة من القبائل للاصطفاف مع الرئيس عبد ربه كواجهة شرعية، وللاحتشاد ضدهم، وبدأت تتشكل رؤية جديدة لإدارة الصراع في اليمن. تدعم دول الخليج المبادرة الخليجية والمسار السياسي المتفق عليه وتصف إجراءات الحوثيين بـ«الانقلاب»، ودعا مجلس التعاون الخليجي مجلس الأمن إلى إصدار قرار يجيز استخدام القوة العسكرية لتسوية الأزمة السياسية في اليمن، لكن مجلس الأمن صوت في 16 من فبراير بالإجماع على مشروع القرار رقم 2201 استناداً إلى الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة وليس الفصل السابع، وجاءت العبارات في القرار الأممي مخففة، فهو يشجب بدلًا من «يدين» الإجراءات بدلًا من «الانقلاب» التي اتخذها الحوثيون! وحدد القرار إطاراً زمنياً للتنفيذ، 15 يوماً، يرفع بعده الأمين العام للأمم المتحدة تقريراً للمجلس، ويعلن القرار استعداده «لاتخاذ المزيد من الخطوات في حال عدم التنفيذ». فهل سينفذ الحوثيون القرار؟ اليمن اليوم بحاجة لصياغة خريطة طريق سياسية جديدة لليمن بعد الاحتلال الحوثي للعاصمة صنعاء. والأزمة اليمنية بتداعياتها المختلفة وتحولاتها هي أزمة إقليمية ودولية، وهي مقبلة على مزيد من التوتر والتصعيد في ظل ضبابية المشهد واحتمال تحول الساحة اليمنية إلى ساحة للصراعات الإقليمية، فعلى دول المجلس العمل مجتمعة، ولو بمعزل عن المجتمع الدولي، العمل على تحجيم نفوذ الحوثيين وعدم الاعتراف بإجراءات الأمر الواقع بانقلابهم على الشرعية، والتعاون مع القوى السياسية المناوئة للانقلاب الحوثي في اليمن، حتى لا تتحول العملية السياسية التي حاول الحوثيون فرضها إلى أمر واقع، أو يتحول اليمن إلى دويلات هشة أو ساحة لحرب أهلية.