من التجليات الواضحة لدورة الانتعاش الاقتصادي التي تمر بها دولة الإمارات العربية المتحدة في المرحلة الراهنة، ذلك النمو في حجم الخدمات الائتمانية والمصرفية، الذي يمكن رصده من خلال مؤشرات النمو في أحجام السيولة والودائع وفي قيم الأصول المصرفية بتصنيفاتها كافة، بالإضافة إلى النمو المطرد في أحجام القروض الممنوحة للأفراد والشركات على حد سواء. فقد أصبحت المصارف العاملة في دولة الإمارات العربية المتحدة أقل تشدداً في شروط منح الائتمان خلال الفترات الماضية، مقارنة بما كان سائداً في بدايات الأزمة المالية العالمية، وعبرت العديد من التقارير عن هذه الحقائق بوضوح. ويمكن الإشارة في هذا الصدد إلى نتائج الاستبيانات الدورية التي يقوم بها «المصرف المركزي» الإماراتي، لاستطلاع آراء مديري المصارف العاملة في الدولة والمسؤولين فيها، بشأن مستويات مؤشرات أداء القطاع المصرفي، وقد أظهرت نتائج هذه الاستبيانات ارتفاع الطلب على الائتمان في الدولة إلى مستوى قياسي في عام 2014، مع توقعات باستمراره في النمو خلال الفترة المقبلة. إن الزيادة في حجم الائتمان والنمو في الطلب عليه من المؤشرات الدالة على الانتعاش الاقتصادي في أي دولة، وينطبق ذلك بالطبع على دولة الإمارات العربية المتحدة، التي يمثل النمو الحالي في حجم الائتمان الممنوح من قبل قطاعها المصرفي أحد تجليات دورة الرواج والنمو التي يمر بها اقتصادها الكلي. وجدير بالذكر أنه في فترات الرواج الاقتصادي من الضرورة بمكان أن تراعي المصارف عدداً من الاعتبارات المهمة، لضمان سلامة أدائها وحماية الحقوق المالية للمودعين فيها، وهذا الأمر يتحقق بشرطين أساسيين: أولهما هو توازن السياسة الائتمانية المتبعة، إذ يجب على المصارف ألا تسرف في تشديد شروط منح الائتمان، وألا تسرف أيضاً في تسهيل هذه الشروط، أو بمعنى آخر، أن توازن بين التشديد والتسهيل، من أجل ضمان توافر التمويل الكافي للأنشطة الاقتصادية، وحماية حقوق المودعين في الوقت نفسه. أما الشرط الثاني، فيتعلق بالأمن المعلوماتي للمصارف، ويتحقق الوفاء به من خلال تطبيق نظم وتطبيقات مالية إلكترونية آمنة، وعدم التساهل في شروط ومعايير الأمان المعلوماتي، من أجل حماية الشبكات الإلكترونية المصرفية من الاختراق. وتعتبر المصارف العاملة في دولة الإمارات العربية المتحدة، بما فيها المصارف الوطنية، من أكثر مصارف العالم تمتعاً بمعايير الأمن المعلوماتي والإلكتروني. وقد أكدت ذلك شركة «نيكسثينك» السويسرية المتخصصة في حلول أمن المعلومات، في تقرير حديث لها، عندما قالت إن البنوك الإماراتية من أقل البنوك قابلية للاختراق الإلكتروني في العالم، وإن دولة الإمارات العربية المتحدة تُعدُّ من أكبر أسواق الخدمات المصرفية في المنطقة والعالم، إذ إنها تعتبر إلى جانب المملكة العربية السعودية وجنوب أفريقيا وتركيا، أكبر أربع أسواق بالنسبة إلى هذه الخدمات في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا. وأشارت الشركة إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة تعد من أكثر الدول إنفاقاً على تقنية المعلومات والأمن الإلكتروني المتعلقة بالخدمات المصرفية. وهذا الاهتمام الكبير بالإنفاق على تكنولوجيا المعلومات وتطبيقات الأمن الإلكتروني من قبل المصارف الإماراتية، هو جزء من الاهتمام الواسع الذي توليه دولة الإمارات العربية المتحدة بشكل عام لهذا المجال الحيوي، من منطلق وعيها بأنه لم يعد هناك غنى عن ذلك في العصر الذي نعيشه، بل إنه بات أحد أهم شروط التقدم الاقتصادي والتنموي، ويبدو ذلك جلياً في خططها التنموية ورؤاها المستقبلية، الحريصة على الانتقال بالمجتمع الإماراتي إلى عصر المعرفة، عبر مواكبة العصر ومستحدثاته في مختلف أوجه الحياة، بما فيها تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدرراسات والبحوث الاستراتيجية".